في عصر الاتكالات والوكالات إذا عُدَّ رجال المبادرات فإن الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين -رحمه الله- يُعدُّ من أبرزهم، فهو المبادر بجاهه في الشفاعات، وهو المبادر بنفسه في برامج الخيرات، وهو المبادر بفكره وبقلمه في قضايا كثيرة يصعُب حصرها.
فمجلة البيان التي طبعت كتاب (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) ووزعته ونشرته لم تطلب من الشيخ صالح الحصين أن يكتب لها شيئاً عن الكتاب، ولكنه من دوافع غيرته على مؤسسات العمل الخيري والدفاع عنها، وحرصه على حمايتها، بادر مشكوراً مأجوراً -إن شاء الله- بكتابة هذا الخطاب (المرفق) إلى الناشر ليشكرهم على هذا الإصدار، بل ويلخص موضوعه أو نتيجته، والمتأمل في هذا الخطاب يُدرك ما يشغل الشيخ بل ما يؤرقه من إجراءات
واستراتيجيات استهدفت -ولا زالت تستهدف- مؤسسات البذل التطوعي، والخطاب في الوقت ذاته يعكس شخصية الشيخ صالح الخيرية التطوعية التي تجاوزت حدود الرسميات وعوائقها -وبرفقه نص الخطاب المذكور كاملاً، وهذا النشر الأول للخطاب، وقد نشرناه هنا كرسالة من رسائل مركز القطاع الثالث للاستشارات والدراسات الاجتماعية (قطاع)- فرحم الله الشيخ صالح وأسكنه فسيح جناته، وبرفقه المقال المعنون : رسالة مع التحية إلى مجلة البيان عن كتاب: (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) في الحرب العالمية على الإرهاب تعاونت ثلاث دول على اختطاف شيخ مسِّن (المؤيد من اليمن), وقُدِّم لمحكمة جنائية بتهمة دعمه الإرهاب, على أساس اتهامه بأن دعماً مالياً وصل عن طريقه إلى حركة المقاومة الفلسطينية, وأدين بهذه التهمة, وحكم عليه بالسجن لمدة تجاوزت سنوات عمره السبعين.
وحسب علمي لم يُتهم شخص معين من العاملين في المؤسسات السعودية الخيرية العاملة خارج المملكة العربية السعودية بدعوى أن مالاً تسرب عن طريقة إلى جهة إرهابية, فضلاً عن أن يُقدم إلى محكمة جنائية فتحكم بإدانته.
يقول القانونيون: إن إثبات النفي محال, وإن كان يمكن إثبات واقعه سلبية, ولهذا كانت القاعدة الشرعية (إن البينة على المدعي), بمعنى: أن من يدعي أن شخصاً أو مؤسسة خيرية دعمت الإرهاب يقع عليه عبء إثبات دعواه, فإن لم يقدم الدليل المثبت لدعواه سقطت.
ومع ذلك فإن الدكتور محمد السلومي في كتابه (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) أثبت أن اتهام المؤسسات الخيرية السعودية بدعم الإرهاب غير صحيح؛ إذ نقل نصوصاً صريحة من تقرير «لجنة 11 سبتمبر» الشهير, (الصفحات 113-116 من الكتاب).
ومن يقرأ هذه النصوص الصريحة بعد ترتيبها وفق الترتيب الزمني والمنطقي للأحداث لا يبقى لديه شك؛ ليس فقط أن الولايات المتحدة لا يوجد لديها دليل على اتهامها المؤسسات الخيرية السعودية بدعم الإرهاب, بل – بالعكس- تظهر النصوص جلياً أن الاتهام غير صحيح, أي: أن الدكتور محمد السلومي – بالنصوص المقتبسة من تقرير «لجنة 11 سبتمبر » – تمَكن من إثبات الواقعة السلبية في: عدم دعم المؤسسات الخيرية السعودية للإرهاب.
ليس من الغريب أن يثبت في أذهان العامة احتمال أن مؤسسة خيرية سعودية تسرب عن طريقها دعم مالي للإرهاب, فحتى قبل أن يذكر هتلر في كتاب كفاحي أن السبيل لتصديق الناس الكذبة الصلعاء -التي لا تُصدّق- هو تكرار الحديث عنها, وقد ظل الإعلام العالمي يكرر هذا الاتهام, ويقرره كما لو كان حقيقة قام عليها الدليل.
وليس من الغريب أن يثبت مثل هذا الاتهام في أذهان من كان لديهم من قبلُ مشاعر سلبية ضد الإسلام والعمل الإسلامي؛ لأنه كما يقال : إذا أردت أن يصدق الناس كذبك فقل لهم ما يرغبون تصديقه.
ولكن من الغريب أنه حصل حتى من بعض المنتسبين للعلم الشرعي – ممن كان المفروض أن يكونوا على وعي بالنصوص المقدسة: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم}]الحجرات:12[, {ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم}]النور:16[, {ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين}]النور:12[, أقول: حتى هؤلاء تأثروا بالإعلام الدجالي وقبلوا زيفه.
وقد جاء كتاب محمد السلومي؛ ليكشف الزيف, ويرد الافتراء, وليست المؤسسات الخيرية الإسلامية فقط هي من يجدر به أن يشكر الدكتور محمد السلومي على كتابه هذا المؤلَّف القيم , بل يجدر بكل مسلم شكره, وشكر مجلة البيان التي قامت بنشره.
صالح بن عبد الرحمن الحصين
الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي
10/ 1/ 1427هـ
لا توجد تعليقات