Skip to main content

رسالة تحمل رسائل – ضحايا بريئة

الحمد لله والشكر لله وحده أن وصفنا بأمة الخير (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وأمرنا بفعل الخير (يا أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير) مؤسسات الخير هي صاحبة الفضل والإحسان علينا جميعاً حيث وفرت للجميع الفقراء والأغنياء، الحكومات والشعوب فرص العطاء والمشاركة والتعاون والمناصرة، ومساندة القطاع الحكومي، والتكامل مع القطاع التجاري الأهلي، وتجاوزت ذلك لتشكل مكتسباً كبيراً في قوة العلاقات الدولية والسياسية لبلادنا المباركة، وعمقاً سياسياً مع مليار ونصف المليار مسلم، إننا نمتلك في هذه البلاد المباركة (حكومة وشعباً) بفضل ديننا وخيريتنا مقومات القوة والبقاء، بل والمنافسة التي لا يمتلكها كل الغير،لإننا نقدم العطاء بلا حدود ولا قيود لإخواننا المسلمين، وبقيم ومباديء تفوق قيم مؤسسات الغرب والشرق فلا من ولا أذى، ولا مقايضة كما يمارس اليوم بحق فلسطين وشعبها(إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً )، وقيمنا ثابته حتى مع العدو المحارب ( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً ) بل وتجاوزت قيم العطاء الإسلامي حقوق الإنسان إلى حقوق الحيوان كمباديء وتطبيقات، ( وفي كل كبد رطبة أجر)، وليست الحقوق شعارات ووسائل ضغوط سياسية كما تفعل مؤسسات الغرب وحكوماتها .

ليس المهم نشر أو تدشين كتاب يعالج قضية عالمية كبيرة بقدر ما تكون الأهمية القصوى في استثمار وتوظيف نتائج تلك الدراسات على مستوى القطاع الأهلي والقطاع الحكومي والقطاع الخيري، ولعل هذه الوقفات توضح بعض الأبعاد المهمة..

الوقفة الأولى (الرقم الصعب):

حمداً لله وشكراً على أن أصبحت مؤسسات القطاع الخيري الإسلامي رقماً له أهميته في المعادلة الدولية والشراكة التنموية في الساحات العالمية، و لهذا كان الاستهداف للإسلام ومؤسساته، فعنصر المنافسة غير غائب في الأسباب والدوافع والأهداف لدعاوى الإرهاب على المؤسسات الخيرية الإسلامية.

فحمداً لله على هذه الحقيقة والنجاح حينما أصبحت المؤسسات رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه، رغم إمكانياتها المتواضعة لكنها مباركة، بل أصبح الإسلام ومؤسساته في لغة بعض الدوائر السياسية الغربية يسمى ( الخصوم الجدد) أو (المصارعون الجدد)، وقد اخترت في الفصل الأول من كتابي ( ضحايا بريئة للحرب على الإرهاب) مناقشة هذا الموضوع ولكن باسم ( المنافسون الجدد).

الوقفة الثانية (منحة الابتلاء):

وهو سنة من سنن الله ومن إيجابياته المراجعات، وليس التراجعات، كما قال تعالى: ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) ولعل الابتلاء يحول المحنة إلى منحة لتزيد المؤسسات من حسن العطاء وفعاليته، ومن تقوية نظمها الإدارية والمالية، وتنويع برامجها الميدانية، والانتقال من برامج الطواريء إلى الشراكة في التنمية مع القطاعين الحكومي والتجاري.

ولتضاعف من رفع المستوى الثقافي والعلمي والسياسي لمنسوبيها حتى يكونوا على مستوى مرحلة التحديات.

وقد أخبرنا المولى سبحانه وتعالى أن ظواهر الأمور والأحداث ليست بظاهرها وإنما بما تؤول إليه قال تعالى( لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير) وقال ( وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ).

الوقفة الثالثة (بين الخيال والحقيقة):

لو تخلينا معشر الأخوة الحضور أن تلك المزاعم والدعاوى على كل المؤسسات الإسلامية قد نتج عنها إدانة وحكم قضائي مستقل على 5000 مؤسسة خيرية و مركز إسلامي فقط، أو (500 ) مؤسسة، أو حتى ( 50 ) أو أقل من ذلك ( 5) مؤسسات فقط -رغم الحقيقة لشرعية والقانونية الثابتة ( لا تزر وازرة وزر أخرى )-، أقول لو تخلينا ثبوت تلك  لمزاعم ولو على هذا العدد القليل، فماذا سيكون حال مؤسساتنا ومراكزنا الخيرية ؟ وما هي أحوال العاملين فيها ؟ وما الحال حتى على مستوى الحكومات الإسلامية؟ ماذا سيكون واقع الجميع؟؟ والذي أريد أن أقوله هو الانتقال من عالم الخيال إلى عالم الحقيقة، فالحقيقة أثبتت أن ليس هناك أدلة تناقش فيها الصحة من عدمها، أو الخطأ من الصواب حينما فشلت الإدارة الأمريكية عبر 4 سنوات في إدانة أي مؤسسة خيرية سعودية، بل أي مؤسسة إسلامية في طول الكرة الأرضية وعرضها، فشلٌ في مضامين التقارير الرسمية وفشل في الإدانة القضائية، ونتائج واضحة بحقائق ملموسة لصالح المؤسسات والحكومات الإسلامية، وهذه هي الحقيقة فلست محامياً أو مدافعاً عن المؤسسات، ولكن البحث عن الحقيقة علمياً من خلال جمع المعلومات والدراسة والتحليل أثبت كل ذلك.

الوقفة الرابعة (الهراوة الإعلامية):

لقد تأكدت هذه الهراوة في عصر الفتنة الإعلامية الدجالية فعملت على قلب الحقائق،وفي الأصل فإن للإعلام والإعلاميين رسالة شريفة، وعليهم أمانة عظيمة، ولهم ضوابط دقيقة لا تقل عن ضوابط القضاء والقضاة فهم من مصادر شهود وقول الحقيقة، ونقل وإشاعة الخبر الصحيح، فالتحول عن هذه الرسالة سقوط لقيم وأخلاقيات المهنة، وتخلٍ عن مباديء الاحترافية الإعلامية، وكم سقط في شراك الإعلام الدولي من لا يدركون الحقائق عن البرامج الإعلامية التي أصلاً تقوم على صناعة السيطرة على الرأي العام، ليشاركوا – بعلم وبغير علم- في صناعة القبول والقابلية بأقوالهم وأفعالهم وأقلامهم، وذلك حينما لا يكلفون أنفسهم التثبت والتبين من الخبر. لقد أتاحت وسائل الإعلام المتنوعة والحريات، ووفرة المعلومات أن يشارك الإعلامي المسلم في صناعة الخبر وما وراء الخبر بعيداً عن السيطرة السلبية لعقله وحريته، متحرراً من النقل المشوه، أو الاستعداء، أو التفسير الخاطيء.

إن المؤسسات الخيرية تنتظر الإكثار من الكتابة في نصرتها بكل أنواع النصرة، ومنها النقد الإيجابي لتصحيح المسار، وكشف حقيقة بعض المنظمات الإغاثية الغربية التي تدعم الإرهاب عملياً، وتضر ببرامج المؤسسات الإسلامية، وبعضها الآخر يعمل بأجنداته السياسية أو الأمنية أو حتى العسكرية إضافة إلى أجنداته الاجتماعية والخلقية، وأشرفها التنصير، وكتاب (سادة الفقر) للكاتب البريطاني غراهام هانكوك، وكتاب (الطريق إلى الجحيم) أو جهنم للكاتب الأمريكي اليهودي مايكل ميشيل نماذج لتلك التجاوزات الخطيرة، والذين وقعوا في الخطأ من الاعلاميين في بلادنا والحمد لله معدودين وبإمكانهم الاعتذار Today USA لبلادهم ومؤسساتهم لا سيما حينما انكشفت الحقيقة، وقد اعتذرت صحيفة الأمريكية وأحد كتابها بعد نشر مقال مصطنع عن المؤسسات الخيرية الإسلامية، بل وتمسحب المقال من إرشيف المجلة كما ذكر ذلك الأمريكي الدكتور ويندل بلو.

الوقفة الخامسة ( انتصار الحقيقة ):

انتصار الحقيقة مكتسب كبير للحفاظ على مكتسباتنا السابقة والعمل على الزيادة منها، وهي مكتسبات تستحق شكر الله أولاً، كما تستحق تبادل التهاني، وهي نتائج إيجابية وشرف لدولتنا ومؤسساتنا الخيرية المانحة والممنوحة، الداخلية والخارجية، ثم العمل بمتطلبات هذا الانتصار بالوفاء أولاً للمؤسسات الخيرية، وفاء من الجميع (حكومة وشعباً ) فقد ساهمت مشكورةً بأن جعلتنا رقماً مهماً في المعادلات الدولية، وقد أبرزت الوجه الخيري المبارك لهذه البلاد على مستوى العالم حينما كانت سفارات خير وبر وعطاء، وتواصل وتلاحم مع شعوب الأرض المسلمة التي سوف تفدي نفسها وما تملك للذود والدفاع والنصرة لبلاد الحرمين قبلة المسلمين، لا سيما ونحن في ظل متغيرات دولية كبيرة ومتسارعة.

وقد أدرك الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ( القوة الإيجابية) للعطاء الخيري السعودي الخارجي، وأن من مصادر قوة الدولة السعودية (وفقها الله لكل خير) المزيد من تصدير منتجات مصانعها الخيرية المنافسة والمزيد من تأسيس المؤسسات الخيرية حينما قال ((إن هذه الحملات _ على السعودية والعمل الخيري _ لن تثني القيادة والشعب السعودي عن الوفاء بالتزاماتهما تجاه العقيدة الإسلامية والأمة والعالم)) كما قال ((من يستطيع القول بأن هذه الأعمال تذهب إلى غير مستحقيها ؟ وهل هناك دليل واحد على هذا؟ ))، وعلى صعيد آخر لانتصار الحقيقة كنموذج واحد فقط، فقد كانت الدعاوى الأمريكية على ( 13 ) من المؤسسات الإسلامية البريطانية وكان الاتهام لأبرزها وأقواها: ( صندوق الإغاثة الفلسطيني –انتر بال) وكان التحقق والتحقيق الرسمي من المفوضية، ثم كانت النتيجة منح انتربال وسام يسمى شهادة السلامة الصحية من المفوضية البريطانية، وحصلتبعد ذلك على الدعم المالي من الجهات الحكومية البريطانية المعنية مثل غيرها.

الوقفة السادسة (متطلبات المرحلة):

إذا كانت الحقيقة هي المنتصرة – وهو الواقع – فما هي ضريبة ولوازم ذلك الانتصار؟ والجواب: إنها كبيرة وكثيرة وعامة وخاصة، وعلى كل القطاعات والشرائح الإجتماعية، ولكن لست أنا من يمثل المؤسسات الخيرية أو القطاعات الحكومية المعنية بقدر ما أنا باحث وصلت إلى تلك النتائج التي أرجو أن يستثمرها المحامون والقضاة والمؤسسات والقطاعات الحكومية المعنية، لاستثمار انعكاس الاستحقاقات المعنوية والمادية لصالح المؤسسات، مع ملاحظة أن الخصم يستفيد من دفاع المؤسسات عن نفسها، لكنه لن يستفيد  حينما يكون التحول تجاهه بالعمل بلغة المرافعات والمطالبة بالتعويضات المعنوية والمادية، حينما ألحقت تلك الدعاوى الأضرار البالغة بالفقراء والأغنياء والمؤسسات والحكومات المانحين والممنوحين، وهي أضرار كبيرة وضخمة لا تقل عن أضرار أحداث الحادي عشر من سبتمبر أو أضرار لوكربي الشهيرة، وما أحوج الجميع إلى استخدام اللغة التي يؤمن ويعمل بها خصوم مؤسسات القطاع الخيري الإسلامي.

وأختم بالتذكير بتلك الوقفات اليسيرة: ومنها المباركة بدخول المؤسسات الدولية ميادين المنافسة، وايجابيات الابتلاء، وتوظيف الحقيقة بعد فشل الزبد والخيال، وخطر الهراوة الإعلامية، واستثمار مكتسبات انتصار الحقيقة، والعمل بمتطلبات المرحلة حتى لا تفتك بنا وبمؤسساتنا الإسلامية الهراوات وأسلحة العدو الشامل .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آ له وصحبه وسلم.

للمزيد من المعلومات وعن رسائل المركز انظر موقع مركز القطاع الثالث.

د. محمد بن عبدالله السلومي

المشرف العام على مركز القطاع الثالث للاستشارات والدراسات الاجتماعية (قطاع)
info@the3rdsector.org

تصفح الرسالة pdf

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT