Skip to main content

رؤية مستقبلية للصراع في العالم العربي والإسلامي 1-2

في كتابٍ جديد بعنوان: (الإسلام والغرب بين المنافسة والصراع- رؤية مستقبلية للواقع العربي والإسلامي والعلاقة مع الآخر) لمؤلفه د/ محمد بن عبدالله السلومي كتب المؤلف في القسم الأول منه عن قراءته التاريخية ودوافع المنافسة بين الإسلام والغرب، وإشكاليات الصراع الغربي الإسلامي، وخلُص المؤلف بمعطيات تاريخية تُسهم في تحديد نوع العلاقة مع الغرب، وهل هو غرب واحد؟ أو متعدد؟ وهل العلاقة المثلى تكون بالحوار؟ ومع من يكون هذا الحوار؟ أو أن العلاقة بالمقاومة والجهاد؟ وضد من ستكون هذه المقاومة والجهاد؟ وهل هذه المقاومة والجهاد اختيارية أو حتمية فرضها الخصوم والأعداء؟! وهل سيكون كلاًّ من الحوار والجهاد عامل إنجاح للآخر في حسم الصراع؟

كما أن هذه القراءة التاريخية بمعطياتها ونتائجها استدعت (الرؤية المستقبلية) للعالم العربي والإسلامي في ظل استراتيجيات معادية وصراعات وحروب حالية وقادمة، وقد نشرت مجلة البيان مشكورةً مختصراً مفيداً عن أبرز مؤشرات هذه (الرؤية المستقبلية) في حلقتين متتابعتين، دون تفاصيل الرؤية بنتائجها ولوازمها، وهذه الحلقة (الأولى) منها:

الغرب هو أساس الصراع؛ فهو في أحيان معينة لا يصنع المؤامرة أو الصراع بشكل مباشر بقدر ما يصنع بيئته من الاحتقان ومناخه، وتصعيد الصراع في العالم العربي والإسلامي بشكلٍ مباشر وغير مباشر أمر مشاهد ومحسوس لكل مراقب أو متابع؛ وهذه المعطيات وغيرها مما يؤكد حقيقة التعصب الغربي والكراهية للإسلام والعدوانية على المسلمين، وتعزِّزُ الصراع بعض الخرافات العقدية؛ فالنصارى يعتقدون أن نزول عيسى ابن مريم عليه السلام لا بد أن يسبقه صراع شديد وقتال وحروب، وكذلك الأمر بالنسبة لليهود في موضوع الحروب، ومثل هؤلاء الشيعة الإثنى عشرية واعتقادهم بأهمية القتل والحروب والخراب ثم خروج المهدي، وهي قواسم مشتركة بين النصارى واليهود والشيعة، فتلتقي نتائج التعصب مع العقائد الباطلة عند هؤلاء جميعاً لتصنع الصراع.

إن التدخلات الغربية المباشرة في العالمين العربي والإسلامي ومحاولات وأد إرادته القوية للحرية والسيادة، مثل ما حدث تجاه مصر من دعم غربي للانقلاب على الشرعية السياسية، ومثل ما حدث في سوريا حيث التحكم الغربي بمنع الحصول على السلاح النوعي في ساحات الثورة السورية، والدعم الغربي غير المباشر لإيران لتكون ذراعاً خطيرة في صناعة الصراع وتأجيجه، ونحو ذلك كثير؛ هذا الواقع بمجمله وتفاصيله يشكل «رؤية مستقبلية استشرافية عامة» حول واقع الصراع الجديد ومستقبله من قبل الغرب مع الإسلام وشعوبه بحسب المؤشرات السياسية المعاصرة، ولعل هذه من أبرز مؤشرات الصراع في هذه الرؤية الاستشرافية:

الأول: دعم الاستبداد السياسي وصناعة الصراع:

تمثلت التدخلات الغربية الأجنبية في شؤون الإسلام ودوله من خلال حمايتهم واحتضانهم لحكومات الاستبداد السياسي والنظم الدكتاتورية التي حكمت معظم دول العالمين العربي والإسلامي حوالي نصف قرن، وبالتالي أصبحت هذه الدول تعيش كثيراً من صور الاحتقان السياسي والاقتصادي، حيث صنعت هذه الحماية الغربية – مع الانتهاك المُنظم لحقوق وسيادة الشعوب – هذا الاحتقان الكبير لدى الشعوب العربية خاصة، ومن ثَمَّ كانت الثورات العربية التي بدأت أواخر عام 2010م، وتلا ذلك تدخلات لاحقة بشكل مباشر وغير مباشر في شؤون العالم العربي لإجهاض تلك الثورات وإفشالها بدعم الانقلابات المضادة لها، مما جعل الواقع العربي يتشبع بمجمله بالصراع والصراع المسلح بين الحكومات وشعوبها، لاسيما في ظل النفاق السياسي الدولي، والحالة المصرية قد تُعدُّ حالةً دراسية لصناعة مناخ الاحتقان الشعبي، ومن ثم الانفجار المتوقع بثورات مضادة تأخذ بالحسبان التطهير الشامل والقوي للنظام السياسي السابق، وفي كل الأحوال فإن هذا الواقع مما يؤكد ما صرحت به كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية عام 2005م عما سمَّته الفوضى الخلاقة (البنَّاءة)، وهي حقاً فوضى للعالم الإسلامي وخلاقة للغرب!

الثاني: دعم الكيان الصهيوني:

العدوان المستمر على غزة والضفة والقدس في المشهد السياسي هو من أخطر عوامل الصراع التي يغذيها الغرب في المنطقة، في النصف الثاني من عام 2015م، حيث أصبح العدو الصهيوني بحكومة نتنياهو يُصعد من عملياته العسكرية ويحمي خرافاته الدينية بدعم المتطرفين لاقتحام الأقصى في ظل حماية عسكرية، إضافةً إلى استمرار الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني في غزة بشكل خاص. هذا الواقع المرير مما ولَّد «انتفاضة السكاكين» التي أرعبت العدو، وهو ما يُعطي مؤشراً جديداً لحربٍ يهوديةٍ عربيةٍ وإسلاميةٍ جديدة تحمل مضامين مذابح جديدة وقتلٍ أكبر للفلسطينيين وتهجيرٍ لكثيرٍ منهم إلى الأردن والعراق بحسب ما ذكره منظر السياسة الأمريكية ريتشارد نيكسون كرؤيةٍ مستقبلية بدأت ملامحها تتحقق، وذلك في كتابه «انتهزوا الفرصة»، حيث يُصر نيكسون على أمرين، الأول: تحقيق الحكم الذاتي للفلسطينيين بشرط أن يرتبط بالأردن، وينصح بالتفاوض مع منظمة التحرير! والثاني: تعويض الفلسطينيين المهاجرين لأنهم لن يعودوا إلى منازلهم، وتعويض المستوطنين اليهود لأنهم سيتركون مستوطناتهم المحتلة!

ولكن من يدفع التعويضات؟ يقول نيكسون: «علينا أن نقنع السعوديين، ودول الخليج، وكذلك اليابان، لتوفير المال الذي سيسهل من لسعة هذه التنازلات»!

ويرى نيكسون أن القدس مشكلة المشكلات، مضيفاً: «أما السيطرة على شرق القدس – وهي قضية عصيبة لكلا الجانبين – فإنها لن تُسوَّى بسهولة»؛ فما الحل؟ يرى نيكسون أن «على إسرائيل فتكنة [مثل الفاتيكان] الأماكن الإسلامية والمسيحية، لكن تقسيم المدينة على أساس خطوط ما قبل 67 قد أصبح غير قابل للتفاوض»، «وهناك حقيقة هامة في العلاقات الدولية، هي: أن اتفاقية يمكن أن تغير سلوك دول، وليس مواقف الشعوب، لذلك يجب أن تتضمن الترتيبات الأمنية إجراءات صارمة رادعة»[1].

الثالث: مخاطر الخطط الإستراتيجية الإيرانية:

كتبت مجلة البيان منذ زمن باكر عن المشروع الإيراني للاجتياح الشيعي داخل إيران في الولايات السنية، وكذلك دول الجوار، والمشروع هو خطة خمسينية (خمسون عاماً للتنفيذ) على خمس مراحل، وضعت في عهد خاتمي، وهي خطة سرية تسربت إلى رابطة أهل السنة بإيران، مكتب لندن، وتهدف إلى نشر الفكر الشيعي الفارسي وتستهدف العالم الإسلامي، ودول الخليج بشكل خاص، فالأيديولوجيا والثقافة هي مقدمات السيطرة والسيادة عند أي أمة تمتلك مشروعاً مثل إيران.

وقد نشرت المجلة المذكورة تفاصيل دقيقة عن هذه الخطة وهي بعنوان: «الخطة السرية للآيات في ضوء الواقع الجديد»، ومما ورد فيها:

– «إذا لم نكن قادرين على تصدير ثورتنا إلى البلاد الإسلامية المجاورة فلا شك أن ثقافة تلك البلاد الممزوجة بثقافة الغرب سوف تهاجمنا وتنتصر علينا، وقد قامت الآن بفضل الله وتضحية أمة الإمام الباسلة دولة الإثنى عشرية في إيران بعد قرون عديدة، ولذلك فنحن وبناءً على إرشادات الزعماء الشيعة المبجلين نحمل واجباً خطيراً وثقيلاً وهو تصدير الثورة؛ وعلينا أن نعترف أن حكومتنا فضلاً عن مهمتها في حفظ استقلال البلاد وحقوق الشعب، فهي حكومة مذهبية ويجب أن نجعل تصدير الثورة على رأس الأولويات».

– «ولاعتلاء أي سطح فإنه لا بد من صعود الدرجة الأولى إليه، وجيراننا من أهـل السنة والوهابية هم تركيا والعراق وأفغانستان وباكستان وعدد من الإمارات في الحاشية الجنوبية ومدخل الخليج الفارسي، التي تبدو دولاً متحدة في الظاهر إلا أنها في الحقيقة مختلفة، ولهذه المنطقة بالذات أهمية كبرى سواء في الماضي أو الحاضر كما أنها تعتبر حلقوم الكرة الأرضية من حيث النفط، ولا توجد في العالم نقطة أكثر حساسية منها، ويملك حكام هذه المناطق بسبب بيع النفط أفضل إمكانيات الحياة».

– «ومعظم المواطنين في هذه البلاد يقضون حياتهم في الانغماس في الملذات الدنيوية والفسق والفجور، وقد قام كثير منهم بشراء الشقق وأسهم المصانع وإيداع رؤوس الأموال في أوربا وأمريكا وخاصة في اليابان وإنجلترا والسويد وسويسرا خوفاً من الخراب المستقبلي لبلادهم. إن سيطرتنا على هذه الدول تعني السيطرة على نصف العالم».

– «لا تفكروا أن خمسين سنة تعد عمراً طويلاً؛ فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة، وإن نفوذ مذهبنا الذي يتمتع به إلى حد ما في الكثير من تلك الدول ودوائرها لم يكن وليد خطة يوم واحد أو يومين، بل لم يكن لنا في أي دولة موظفون فضلاً عن وزير أو وكيل أو حاكم».

ومما ورد في نص هذه الخطة المسربة التعبئة بالمظلومية: «فنحن ورثة ملايين الشهداء الذين قُتِلوا بيد الشياطين المتأسلمين [السنة] وجرت دماؤهم منذ وفاة الرسول في مجرى التاريخ إلى يومنا هذا، ولم تجف هذه الدماء ليعتقد كل من يسمى مسلماً بعليّ وأهل بيت رسول الله ويعترف بأخطاء أجداده، ويعترف بالتشيع كوارثٍ أصيل للإسلام».

وورد في الخطة أيضاً ما نصه: «مراحل مهمة في طريقنا»؛ مما يدل على البعد الإستراتيجي للخطة في استهدافها السياسيين ورجال المال والأعمال والأوطان.

وفي ختامها: «وعلى فرض أن هذه الخطة لم تثمر في المرحلة العشرية الأخيرة فإنه يمكننا أن نقيم ثورة شعبية ونسلب السلطة من الحكام، وإذا كان في الظاهر أن عناصرنا الشيعية هم أهل تلك البلاد ومواطنوها وساكنوها، لكننا نكون قد قمنا بأداء الواجب أمام الله والدين وأمام مذهبنا، وليس من أهدافنا إيصال شخص معين إلى سدة الحكم فإن الهدف هو فقط تصدير الثورة؛ وعندئذ نستطيع رفع لواء هذا الدين الإلهي، وأن نُظهر قيامنا في جميع الدول، وسنتقدم إلى عالم الكفر بقوة أكبر، ونزين العالم بنور الإسلام والتشيع حتى ظهور المهدي الموعود».

أما عن الأخلاق، فقد أتت على درجة من الأهمية في إنجاح الخطة، وفيها ورد: «أسلوب تنفيذ الخطة المعدة: ولإجراء هذه الخطة الخمسينية يجب علينا بادئ ذي بدء أن نحسن علاقاتنا مع دول الجوار ويجب أن يكون هناك احترام متبادل وعلاقة وثيقة وصداقة بيننا وبينهم حتى إننا سوف نحسن علاقاتنا مع العراق بعد الحرب وسقوط صدام حسين؛ ذلك أن إسقاط ألف صديق أهون من إسقاط عدو واحد».

بل إن إظهار الصداقة من المراحل المهمة التي ركزت عليها هذه الخطة، حيث أهمية الأخلاق في التعامل مع جميع الفئات! ومما ورد في ذلك: «العلاقة والصداقة مع أصحاب رؤوس الأموال في السوق والموظفين الإداريين خاصة الرؤوس الكبار والمشاهير والأفراد الذين يتمتعون بنفوذ وافر في الدوائر الحكومية»[2].

ووفق هذه الخطة فإن إيران سوف تعتمد على «حشود المرتزقة» خاصة ممن تَشيَّع من سكان القارة الإفريقية بدعمهم كموجات بشرية منظمة تجتاح دول الجزيرة العربية، فهي ليست حدوداً أقوى من أمريكا مع المكسيك مثلاً أو دول أوربا أمام الهجرات غير المشروعة التي أصبحت ظاهرة عالمية.

ومن صور صناعة الصراع:

التدخل في العراق:

إن التدخل الأمريكي في العراق وغرس بؤر الصراع الطائفي بتسليم أمريكا دولة العراق لإيران منذ عام 2003م، وكما أنه من معطيات الصراع فإنه في الوقت ذاته مؤشر لصراع دموي أكثر، وقد صورت الباحثة إحسان الفقيه صناعة هذا الصراع وتجذيره بين الشيعة والسنة بقولها: «نقلت جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 18-5-2007م، عن طبيب عراقي بالبصرة قوله: (صار علينا أن نتعلم اللغة الفارسية حتى نتمكن من التفاهم مع الناس هنا)».

أصبحت العراق ولاية إيرانية عندما قفزت عليها الحكومة الشيعية الموالية لإيران كانت ولا تزال تتعامل مع طهران معاملة التابع للسيد، والإدارة العراقية إنما هي في قم، وتتماهى مع السياسة الإيرانية لدرجة مفضوحة، فإذا اتجهت إيران لإرسال مقاتلين إلى سوريا لدعم الأسد تبادر الحكومة العراقية بإرسال المتطوعين تحت مزاعم حماية العتبات المقدسة.

وأصبحت ولاية إيرانية عندما تمددت فيها الميليشيات الموالية لإيران، مثل «سرايا الخراساني»، وهو الاسم الذي عرف به الخميني بين أتباعه المقربين، تلك الميليشيات التي تعيث في الأرض فساداً، وتقتل أهل السنة، وتغتصب الحرائر، وتسفك الدماء على الهوية، من أجل عيون دولتهم الأم إيران، ولتكريس الحلم الفارسي المجوسي.

في المادة نفسها التي نشرتها الشرق الأوسط بتاريخ 18-5-2007م، نقلت عن أهالي المدائن العراقية قولهم: «إن الهجمات التي استهدفتهم من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة العميلة لإيران كان هدفها إخلاء المنطقة من سكانها أهل السنة، ليتاح للإيرانيين الاستيلاء على المدائن وإعادة ترميم إيوان كسرى باعتباره صرحاً فارسياً».

لقد أصبحت العراق ولاية إيرانية، حينما تنفذ فيها الإيرانيون وصاروا أصحاب الكلمة على أرضها، أليس مرجعهم علي السيستاني الذي لا يحسن التكلم باللغة العربية إيرانياً، ولد في مشهد ويُنسب إلى محافظة سيستان الإيرانية؟! أليس الجنرال قاسم سليماني الذي قاد العمليات العسكرية في العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وضد الفصائل الجهادية إيرانياً؟[3].

التدخل في سوريا:

التدخل الغربي والإيراني الأجنبي السافر والقذر بالشأن السوري أخَّر الحسم فيما بين الشعب السوري وحكومته وأطال أمد الصراع، بل إن مجموعات الجيش الثوري الإيراني وميليشيات الشيعة الرافضة الإيرانية واللبنانية والعراقية بتدخلها المكشوف عززت الصراع في المنطقة ودفعته إلى جرائم بحق الإنسانية، فحسب بعض التصريحات الإيرانية والروسية إنه للحيلولة دون الوجود السني بأرض الشام، وهو ما يؤجج الصراع في المنطقة ويوسع دائرته، وعن ذلك قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «إن بلاده ساعدت العراق وسوريا في حربهما ضد من سماهم الإرهابيين بناء على طلب حكومتيهما، مؤكداً أن قوات بلاده هي أقوى قوة في المنطقة ضد الإرهاب»[4]!

كما قال روحاني في كلمة ألقاها أمام الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 28/٩/2015م: إن إيران مستعدة للمساعدة في نشر الديمقراطية في سوريا واليمن كما فعلت في العراق وأفغانستان – بحسب تعبيره -، مؤكداً أن الاتفاق النووي ساهم في الاستقرار ومَنع حرباً مترامية الأطراف في الشرق الأوسط[5]!

استهداف السعودية والحرمين:

ومما يعد من مؤشرات الصراع في المنطقة استهداف السعودية والمقدسات الإسلامية فيها من خلال دعم إيران والغرب للأقلية الشيعية وعملائهم من الأقلية الليبرالية والعلمانية داخل السعودية، حيث نوايا العدوان والاحتلال واضحةٌ وظاهرة في تصريحاتهم المتكررة والمتنوعة[6]، كما تبرز مؤشرات الصراع من خلال الخطة الإيرانية الخمسينية – سابقة الذكر – التي تستهدف العالم الإسلامي وفي مقدمته دول الجوار.

ومما يؤكد استهداف السعودية تأجيج الصراع فيها من جراء بعض العمليات الإرهابية لرافضة المنطقة الشرقية بالسعودية، وتصعيد الانشقاق، ومحاولات الانفصال السياسي، كما هي دعوات مُعمَّمي الشيعة، وكما هو واقع مظاهراتهم السياسية ورفع الأعلام الأجنبية في الشوارع والمحلات العامة في مناطقهم، وهو ما يعكس تصنيفهم بعدم الولاء لوطنهم، كما عبَّرت عن ذلك الكاتبة إحسان الفقيه بقولها: «شيعة المملكة لا يتعاملون باعتبارهم مواطنين سعوديين، ولا يدينون بالولاء لتلك البلاد، إنما ولاؤهم لإيران كشأن الشيعة في العالم، والذين تجمعهم ولاية الفقيه، لذلك ينظرون دائماً وخاصة في المنطقة الشرقية والقطيف إلى الحكومة السعودية على أنهم أعداء محتلين»[7]، وقد تم في مرات عدة ضبط أسلحة بخلايا إرهابية شيعية وإرهابيين مطلوبين، وذلك في أماكن سكنهم ومزارعهم كما هو مذكور في المواقع الإخبارية الرسمية السعودية[8]، وكل ذلك مما يكشف زيف الصراخ بشعارات الوطنية، وكذب مظلوميات حقوق الإنسان ولطمياتها، ويبقى أن دعوات إيران بتدويل الحرمين الشريفين أو السيطرة عليهما مما يؤجج الصراع في المنطقة، بل إن إيران اعتبرت أن انقلاب الحوثيين على الحكومة اليمنية وسيطرتهم على اليمن وجيشه ومؤسساته مقدمة وبوابة لغزو الحرمين بحسب تصريحاتهم الواردة في أكثر من موقع إخباري.

إثارة الفتن والاضطرابات في الخليج:

مما يعزز هذه الرؤية المستقبلية عن صناعة الصراع القائم والقادم ومستقبل المنطقة ما تم اكتشافه من ترسانات للأسلحة الإيرانية في الكويت والبحرين والسعودية بالتتابع لدى الشيعة الرافضة في أواخر عام 1436هـ، ويعد هذا من المؤشرات القوية عن مرحلة خطيرة مقبلة من الصراعات المجوسية الشيعية على أهل السنة في أنحاء العالم الإسلامي وعلى دول الجوار الإيراني بشكل خاص.

وعن مضبوطات الكويت كتبت صحيفة القبس الكويتية: «في تطور لافت للوضع الأمني في البلاد، وفي خطوة استباقية لمنع عمليات إرهابية ومخططات تستهدف الكويت، تمكنت الأجهزة الأمنية يوم أمس، من ضبط كمية هائلة من المتفجرات والأسلحة النارية والقنابل والأحزمة الناسفة في مزرعة بمنطقة العبدلي، وألقت القبض على مواطنين متورطين في هذه القضية، التي وصفها مصدر أمني مسؤول بأنها أكبر ضبطية أسلحة ومتفجرات في تاريخ الكويت، وأنها مخطط خطير يستهدف المصلحة العليا وزعزعة الأمن»، وفي الخبر ما يصف هذا بما يشبه ترسانة الأسلحة، وبحسب وصف قيادي أمني فإنها كمية أكبر مما يصدقها عقل! حيث فيها قنابل يدوية وصواعق كهربائية ومتفجرات وقذائف RBG، والتحقيقات قائمة مع مواطنين كويتيين وإيرانيين ولبنانيين[9].

وعن المحاولات الانقلابية، فإن لرافضة البحرين ثلاث محاولات فاشلة، لكنها لم تمنع من الاستمرار في المحاولات التي عمادها الخلايا الإرهابية والأسلحة[10]، فمضبوطات البحرين وهي كثيرة كان آخرها ما أعلن عنه في الأول من أكتوبر 2015م تكشف عن الخطر الحالي والقادم، وعنه: «كشفت الأجهزة الأمنية في مملكة البحرين عن أنها فككت خلايا إرهابية، واعتقلت أفرادها وضبطت مخازن أسلحة بموقع يستخدم كورشة لتصنيع القنابل، في قرية النويدرات، وهي إحدى قرى محافظة الوسطى البحرينية.

وأعلنت وزارة الداخلية البحرينية في بيان لها أن المعتقلين مشتبه بتورطهم في قضايا إرهابية ومع جماعات بالعراق وإيران، وبيَّنت أنها كشفت مخبئاً يحوي 1.5 طن من المتفجرات في منزل بمنطقة سكنية»، «وأضافت الداخلية: تم العثور في المخبأ على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار والمواد التي تدخل في صناعتها، قدرت بما يفوق 1.5 طن ومن ضمنها مادة C4 وRDX شديدة الانفجار ومادة TNT المتفجرة بالإضافة إلى مواد كيميائية وعدد من العبوات المتفجرة الجاهزة للاستخدام وأسلحة أوتوماتيكية ومسدسات وقنابل يدوية وكميات من الذخائر الحية والأجهزة اللاسلكية»[11].

وما سبق تؤكده التصريحات الإيرانية المتعددة والمعلنة من رجال الدين والسياسة حيث لا تقية في ذلك، ومن ذلك تصريح روحاني بعد الاتفاق النووي مع الغرب، حيث ذهب إلى أبعد من شرعنة الصراع المستقبلي في المنطقة من خلال تكراره زعم أحقية إيران، وتدخل جيشها في الدول المجاورة بقوله في مراسم استعراض القوات المسلحة الإيرانية تزامناً مع بدء أسبوع الدفاع المقدس: «على هذه الدول [الخليجية] ألا تتصور بأن القوى الكبرى تدافع عنها»، وأضاف: «على الدول التي تمارس اليوم الظلم بحق جيرانها أن تعلم أنه لو أراد الإرهابيون إسقاطها وإذلال شعوبها فإن القوات المسلحة القادرة على دحر أولئك الإرهابيين هي القوات المسلحة الإيرانية فيما لو طلبت تلك الشعوب منها»[12].

وقد تبدأ هذه المرحلة التصعيدية الإيرانية الجديدة للصراع في المنطقة بعمليات إرهابية مفتعلة على شيعة الكويت أو البحرين لتبرير التدخل الإيراني بمزاعم حماية أقلياتها الشيعية واحتلال هاتين الدولتين، وذلك لضم هذه الدول إلى الإمبراطورية الإيرانية الصفوية، وقد تُبقي بعض أمرائها أو رموزها السياسية كولاة كما هي خطط أي محتل، وهذا الاحتلال يتفق مع تصريحاتهم المتكررة لحماية الأقليات الشيعية الرافضية في المنطقة، ولوازم هذه الحماية بحسب خططهم.

 

المصدر: مجلة البيان، العدد 346، بتاريخ 28 جمادى الأولى 1437هـ  الموافق (8 مارس 2016م)، الرابط التالي: http://www.albayan.co.uk/MGZarticle2.aspx?ID=4949

_____________________

الهوامش:

[1] انظر: صلاح الدين النكدلي،  قراءة في كتاب نيكسون: انتهزوا الفرصة، الدار الإسلامية للإعلام، بونا، ألمانيا، ص52-53، ويلاحظ أن الأردن قد تلقت معونات بالمليارات من الدولارات لهذا المشروع، حيث تم بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية لهذا الغرض بتمويلٍ خليجي بحسب المعلن في حينه في وسائل الإعلام المتعددة.

[2] انظر عن المصدر الأساسي للخطة مجلة البيان اللندنية، بتاريخ 25/6/2013م:

http://www.albayan.co.uk/article2.aspx?ID=2881

[3] انظر: إحسان الفقيه، مقال بعنوان: «أحفاد العلقمي وبوابة العراق»، صحيفة شؤون خليجية، 6/4/2015: http://alkhaleejaffairs.news/c-16647

[4] انظر: قناة الجزيرة، بتاريخ 22/9/2015م:   http://goo.gl/88d1gO

[5] انظر: قناة الجزيرة، بتاريخ 28 / 9 / 2015م:  http://goo.gl/azi5vT

[6] انظر على سبيل المثال ما ورد في كتاب «الإسلام والغرب بين المنافسة والصراع»، للمؤلف بعنوان: «أمريكا وصناعة الصراع بالفوضى الإيرانية».

[7] انظر: صحيفة شؤون خليجية 1/6/2015: http://goo.gl/ftKQwN وانظر: كتاب «الحراك الشيعي في السعودية تسييس المذهب ومذهبة السياسة»، لمؤلفيه: بدر الإبراهيم، ومحمد الصادق.

[8] انظر على سبيل المثال: جريدة الرياض، بتاريخ 7 أكتوبر 2015:

http://www.alriyadh.com/1088942

[9] انظر: جريدة القبس الكويتية 14/8/2015م: http://goo.gl/Hr1LBb

[10] انظر: صحيفة شؤون خليجية 18/4/2015:   http://soo.gd/7vUd

[11] انظر: موقع خبر خليجي، بتاريخ 1 أكتوبر 2015: http://goo.gl/c8MffO

[12] انظر: جريدة مباشر الإلكترونية الكويتية، بتاريخ 22 سبتمبر 2015: http://mobashernews.net/news/61636

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT