ورقة علمية للدكتور محمد بن عبدالله السلومي في مؤتمر (العمل الإنساني الدولي بين الشرق والغرب) المقام بقطر- الدوحة بتاريخ: 26، 27 مارس 2017م، والورقة بعنوان: (الحرب على الإرهاب وأثرها على العمل الخيري) بصورة كاملة وموضوعات فرعية ذات علاقة، شاملة الورقة المصادر والمراجع، متضمنة إحصائيات مرعبة بحقوق الإنسان مانحين وممنوحين على الرابط التالي: http://bit.ly/2n7NgqB
وهذه خلاصة عن هذه الورقة:
من الآثار المشهودة لواقع غياب العمل الخيري الإسلامي
(في الساحات الدولية)
د. محمد بن عبدالله السلومي
أولاً: حالة من الارتباك لدى المنظمات الدولية لسدِّ الفراغ والعجز المتزايد عن تحقيق برامج العمل الإنساني، مثال: الأثر على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها:
ورد في تقرير لجنة أممية بتاريخ: 17/1/2016م: «بأن هناك 125 مليون شخص في أنحاء العالم في حاجة للمساعدات الإنسانية، وأن المجتمع الدولي في حاجة لإعادة تشكيل تمويل المساعدات الإنسانية، وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد عيَّن اللجنة المؤلَّفة من تسعة أعضاء للبحث عن حلول ممنهجة مطلوبة لإنهاء فجوة تمويل المساعدات المتزايدة في الاتساع، والتي تبلغ حالياً 15 مليار دولار، وأشارت اللجنة إلى أنه نظراً إلى أن أغلبية الصراعات موجودة بالدول المسلمة، فإن التمويل الاجتماعي الإسلامي، بما في ذلك الزكاة، يمكن أن يقوم بدور مهم. وقالت جورجيفا: «إن مثل هذا التمويل يمكن أن يُسفِر عن جمع 2 إلى ثلاثة مليارات دولار لمواجهة الفجوة في التمويل».
فكيف يتم طرح هذا المقترح عن الزكاة والتمويل الإسلامي؟! ولا تكون المبادرات بما هو أهم! حيث أهمية حضور المؤسسات الإنسانية الإسلامية في المنظومة الدولية.
ثانياً: انحسار العمل الخيري الإسلامي عن الساحات الدولية من العوامل المساعدة على (ارتفاع معدلات الفقر والمرض والجهل والتهجير في بعض دول العالم الإسلامي – نماذج):
أ- في العراق: ارتفاع معدلات الفقر!!
أعلن وزير التخطيط في الحكومة العراقية سلمان الجميلي أن معدل الفقر ارتفع إلى 30% بزيادة 6.5% عن النسبة المعلنة سابقا بسبب الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وقال المسؤول الحكومي في بيان مكتوب إن نسبة البطالة بلغت حوالي 200%، بالموازاة مع توقف كثير من المشاريع الاستثمارية بسبب الأزمة التي تمر بـالعراق.
ب- في سوريا: الأمم المتحدة: مستويات الفقر في سوريا تضاعفت 3 مرات منذ اندلاع الحرب، حيث خلص تقرير أعدته كل من اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا التابعة للأمم المتحدة (الاسكوا) وجامعة سانت اندروز إلى أن عدد السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر تضاعف 3 مرات تقريبا منذ اندلاع الحرب قبل 5 سنوات، وخلص التقرير إلى أن نحو 83.4 بالمئة من السوريين يعيشون الآن تحت خط الفقر مقارنة بـ 28 بالمئة في عام 2010م، وأن حوالي 13,5 مليون نسمة من سكان سوريا باتوا بحاجة إلى معونات إنسانية بحلول نهاية عام 2015م – أكثر من 4 ملايين منهم في محافظتي دمشق وحلب، ويقول التقرير: إن 12.1 مليون سوري يفتقرون إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي بشكل كاف.
وما يقارب من 10 آلاف طفل لاجئ لا يرافقهم ذووهم، اختفوا بعد وصولهم إلى أوروبا، وفق ما أعلن جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي (اليوروبول)، مبدياً تخوفه من وقوع هؤلاء الأطفال في براثن عصابات تجار البشر.
ونقلت صحيفة “الغارديان” عن قائد جهاز الشرطة في الاتحاد الأوروبي، بريان دونالد، أن آلاف القصر اختفوا ولم يعثر عليهم بعد تسجيل معلوماتهم لدى سلطات الدولة.
وهذه التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وغيرها بعد مضي حوالي ست سنوات من الثورة السورية تؤكد بأرقامٍ صادمة للإنسانية عن الوضع السوري الذي يزداد سوءً مما يؤكد ويوجب أهمية وجود مؤسسات وجمعيات خيرية متنوعة بشكل كبير لمعالجة هذه الأوضاع المتزايدة، والاستجابة لزيادة الطلب والحاجة الإنسانية العالمية.
ج- في فلسطين: أكد البنك الدولي في تقرير له أن نسبة الفقر في فلسطين تزايدت للعام الثالث على التوالي، في ظل انخفاض معونات الجهات المانحة والقيود التي تفرضها إسرائيل على الاقتصاد الفلسطيني. وبحسب التقرير، فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي آخذ في الانكماش منذ عام 2013م بسبب ضعف الاقتصاد، مع تواصل ارتفاع مستويات البطالة تحديداً بين شباب قطاع غزة، حيث تتجاوز البطالة بينهم 60%، فيما يعيش 25% من الفلسطينيين في الفقر.
د- في اليمن: البنك الدولي: نسبة الفقر باليمن تتجاوز 85%!!
حذر البنك الدولي من أن نسبة الفقر في اليمن قفزت إلى أكثر من 85% من السكان الذين يقدر عددهم بــ26 مليون نسمة جراء تداعيات الحرب.
وقالت الأمم المتحدة إن مساعداتها وصلت إلى 4 ملايين يمني، بينما ما زال هناك 14 مليون شخص ليس لديهم أمن غذائي».
ودعت منظمة (أطباء بلا حدود) المجتمع الدولي إلى الإسهام بدعم الصحة المتدهورة والإغاثة في اليمن بتاريخ 29 محرم 1438هـ، الموافق (30 أكتوبر 2016م)، قائلةً: «يعاني القطاع الصحي في اليمن تدهوراً كبيراً زادت الحرب حدته التي تشهدها البلاد مع استمرار سقوط العديد من القتلى والجرحى وانتشار عدد من الأوبئة…
ثالثاً: تعطيل معظم برامج الطوارئ والإغاثات وغياب صور التنمية عن المجتمعات الفقيرة، وأوضح مثال: تسريح مئات الآلاف من الأيتام من مهاجعهم ومدارسهم خاصة في كثيرٍ من دول أفريقيا وآسيا، وربما اقتناصهم فريسة للإرهاب واستغلالهم بالأعمال المشينة. (الإحصائيات العامة لأثر غياب المؤسسات غير حاضر -مع الأسف- نظراً لعدم وجود مراكز معلوماتية متخصصة في هذا الشأن)، (الحرمين حالة دراسية –فقط-): فقدت بإغلاقها مجموعة من المكاتب الفرعية في أنحاء العالم بلغت حوالي (45) مكتباً بمئات الموظفين، وبمواقع عمل (مندوبين ومتطوعين) في حوالي (70) دولة.
رابعاً: زيادة حالات التوتر والصراع والحروب وآثارها الكارثية في بعض الدول كالعراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، حيث تمدد المنظمات الإيرانية بعملها الذي يبدأ بالعمل الإنساني في ظل فراغ المنطقة بانحسار وجود المؤسسات الإسلامية، فهذا الانحسار والغياب عن الشراكة العالمية يعني تمدد غيرها ممن يبدأ بجمعيات ومنظمات إنسانية، وتتطور إلى مليشيات عسكرية مؤدلَجة بالصراع، لتنتهي بثورات وانقلابات، وهو ما يزيد من حالات الصراع والحروب في المنطقة وتعريض السلام الدولي والعدالة والحقوق للخطر.
خامساً: خسارة موارد بشرية كبيرة من المتطوعين في المجتمعات الإسلامية خاصة في دول الخليج رغم وجود هذه الموارد الكبيرة والطاقات ذات الخبرة العالية، وتجميد مئات الملايين من أموال المؤسسات والمنظمات الخيرية الإسلامية في ظل دعاوى ومزاعم الإرهاب، فغياب منظمات التطوع وحصار التبرعات، وتهميش ممارسة شعائر الدين بين المسلمين كالزكاة والوقف والتبرعات مما زاد من معاناة آثار الكوارث والحروب، وإضافة إلى ذلك أن هذا الغياب مما ولَّد جماعات التطرف والإرهاب!!
وهذا الواقع يتطلب العمل الجاد لإيجاد مؤسسات إنسانية متعددة ومتنوعة الأهداف حاضنة للشباب المسلم من الانحرافات الفكرية والسلوكية.
والحقيقة تقول بحيرة وخجل: هذه إحصائيات خطيرة في ساحات إسلامية وسط مخزون كبير من الأموال والاقتصاديات الإسلامية كذلك، والإحصائيات تعكس صورة من العار والجناية بحق الإنسانية!! فكيف بغيرها من أرقام مخيفة عن إحصائيات الأمراض والتهجير القسري واختفاء الأطفال وتدني مستويات التعليم وغيرها في هذه الدول -كأنموذج كما سيأتي كذلك-
وهذا الواقع يشكِّل فجوة كبيرة على جميع الأصعدة التعليمية والصحية والغذائية وغيرها؟؟!!!
فهل على الأمم المتحدة أن تتبنى الضغوط على الحكومات المعنية من الغربية والعربية لشراكة مؤسسات الإغاثة الإنسانية الإسلامية في المنظومة الدولية وليس لإقصائها؟
وهل حان الوقت للتنادي لتحرير الأموال المُعطَّلة والحسابات المُجمَّدة في حسابات المؤسسات الإسلامية ودفعها لمستحقيها تلبية للجانب الشرعي والقانوني، وتغطية للاحتياجات الفعلية؟
ولماذا (الحقوق الإنسانية) مغيبة ويتم تجاهلها بحق المانحين والممنوحين والمؤسسات المانحة والمجتمعات المستفيدة وذلك لدى منظمات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان؟
لا توجد تعليقات