تقديم البروفسور عبدي باليتا
لكتاب (ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب) بطبعته الألبانية
كتاب افتقر إليه القاري الألباني
عملت حرية الاعتقاد و أداء الواجبات الدينية من جديد في ألبانيا بعد سقوط النظام الإلحادي الشيوعي، فاعادت فتح الطريق لنشر و توزيع الكتب الدينية و السياسية والإجتماعية حول المنطقة وكذلك اعادت هذه الحرية دور الدين في حياة الناس الروحية و المادية ، و في العلاقات بين الأفراد في المجتمع و بين الشعوب و الدول في الساحة الدولية.
والتي بعثت روح السعادة في افئدة المؤمنين المسلمين الألبان حينما بدأ توزيع نسخ القرآن الكريم باللغة الألبانية قبل ثماني عشرة سنة وقد خدمت الألبان لعدة سنوات المادةُ الواسعة المترجمة من اللغات الأجنبية عن معنى الدين في حياة الإنسان و عن حاجته لربه ، و عن الحياة الأخروية ، و أركان الإسلام و مبادئه و عن حقوق و واجبات المسلم و تعلم الآداب و الأخلاق و العبادات .
كما قد خدمت القاري الألباني عدد محدد و معين من الكتب التاريخية و السياسية والإجتماعية حول ضرورة حماية و تعزيز الإيمان الى جانب الكثير من الكتب الدينية .
لم يساهم الكتاّب الألبان كثيرا في التاليف عن “الإسلام المعتدل”كما انهم قد تحفظوا عن نشر الكتب المؤلفة باللغة الألبانية من الكتّاب الأجانب والمنحازة لتكريس المواجهة غير الضرورية لـ ” الإسلام السياسي و الإسلام المتطرف .
كما قد قدمت الدول الغربية أوبعض الكتاب المسلمين المهاجرين . للقارئ الألباني كتب مطبوعة فقيرة سياسيا واجتماعيا عن مشكلات الإسلام في حين قد افتقرالقارئ الالباني الى الكتب السياسية و الإجتماعية المؤلفة من الكتاّب الذين يعيشون و يعملون في البلاد الإسلامية القديمة .
لذا وفي مثل هذه الظروف يٌعتبر كتاب ” ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب” للمؤلف الدكتور محمد عبدالله السلومي من مركز القطاع الثالث للدراسات الإجتماعية في المملكة العربية السعودية – وهو المكان الذي بدأ منه محمد صلى الله عليه و سلم نشر نور الإسلام للبشرية- يعتبر الكتاب باللغة الألبانية نافعا جدا بالنسبة للقارئ الألباني.
فهو كتاب جديد من حيث عام طباعته عام 2008 و من حيث عرض المفاهيم و المشاكل التي تقلق المؤمنين المسلمين اليوم و جميع الناس في أنحاء العالم بغض النظر عن معتقداتهم.
حيث يعالج الكتاب بطريقة بسيطة و سهلة اصول الدين لفهم القضايا التي تتعلق بالإسلام و يركز في الجوانب الأساسية السياسية و الإجتماعية و الإنسانية و الخيرية لحماية القيم الإسلامية.
كما انه جديد في مضمونه حيث لم تتح الفرصة للمسلمين الألبان حتى الآن تناول كتاب من هذا النوع.
اذ يغطى لهم هذا الكتاب فراغا كبيرا في ثقافتهم لفهم اعمق للدين الإسلامي و الصعوبات التي تواجه المؤمنين و العاملين المسلمين في العلاقات الدولية.
اما عن اهمية الموضوع الرئيس الذي يعالجه هذا الكتاب فقد صرح وبوضوح كاتب مقدمة الكتاب باللغة الإنجليزية عضو الكونجرس الامريكى السابق بول فندلي المعروف للقارئ الألباني و مؤلف كتاب ” لا سكوت بعد اليوم” (الذي يصف و يحارب تأثيراللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية) حيث يقول: ” قلة من الناس في القطاع الخاص و للأسف أقل من هذا في القطاع العام يفهمون الاهمية الاساسية للمؤسسات الإغاثية في مواجهة المعانات البشرية، خصوصا تلك المأساة التي تتفجر نتيجة ما يسمى الحرب ضد الإرهاب.
اعتقد أن كتاب “ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب” يعتبر نداءا مدويا وفي الوقت المناسب لكي يعمل قادة الحكومات بما يتوجب عليهم و آمل أنهم سيستجيبون لهذا النداء مباشرة وبدون تردد “.
كتاب الدكتور السلومي في الحقيقة يتناول عرضا و دفاعا عن الدور الخاص التي تلعبه المؤسسات غير الحكومية و الإغاثية المسلمة لتخفيف معاناة هؤلاء المتضررين من الحروب في هذا العالم .
كما انه قد عالج وضمن موضوعه الرئيسي قضايا كثيرة أخرى دينية و سياسية و اجتماعية و قضايا تتعلق بقبول الممارسات الدينة الإسلامية و الهجمات التي تشن على هذا الدين في العالم.
و قد صرح المؤلف بوضوح عن الغرض الرئيسي من هذا الكتاب حيث يقول: “يهدف الكتاب الى كشف الحقيقة حول الأهداف المعلنة للحملة ضد الجمعيات الخيرية الإسلامية و دوافعها الحقيقية. كما يتحدث الكتاب وبالأدلة ايضا عن المعاناة التي تحصل نتيجة انقطاع المساعدات من هذه الجمعيات الخيرية “.
ويتضمن الكتاب معالجة التهم الغربية والمتمثلة بـ :
تمويل الإرهاب الدولي (والذي يُفهم منه الإسلامي) من خلال الجمعيات الخيرية الإسلامية
احتضان هذه الجمعيات للارهابيين الاسلامين .
فقد احتلت هذه الاتهامات العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام العامة اليومية الالبانية . و التي مارست التأثير القوي في السياسة الداخلية و الخارجية لالبانيا و كذلك اخضاع الرأي العام في المنطقة للاسلاموفوبيا .
و قد كرّمني صاحب الكتاب بطلبه مني كتابة مقدمة باللغة الألبانية. كما شرفني وبكل سعادة ان اشرح بعضا من الفوائد المتعددة التي يقدمها الكتاب باللغة الألبانية للمسلمين و للرأي العام الألباني كي يتحرروا من تلك الضغوط المنحرفة و العدوانية التي تشوه أنشطة الجمعيات الخيرية الإسلامية والتي لمزت بما يسمى “الإرهاب الإسلامي” و ” الأصولية الإسلامية” بشكل عام و “الوهابية السعودية” على وجه الخصوص في البانيا و في العالم أجمع .
حيث قدم الدكتور السلومي في كتابه مع الكفاءة العلمية و الفكرية المضادّات الحيوية بجرعة قليلة وكافية لسموم اسلامفوبيا التي انتشرت في الرأي العام الألباني بسبب الدعاية المحلية و الأجنبية.
وقد اعطى المؤلف الفرصة للقراء الألبان ان يقرؤوا كتابا خاصا أُلف بعناية و ضبط نفس من رجل عرف جيدا المشكلات و كيفية علاجها من ناحية الرؤية الاسلامية التي تضاد الغرب في الشرق وكذلك من ناحية الاسلاموفوبيا في الغرب.
هذا وسيعرف القارئ الألباني كثيرا عن المؤسسات غير الحكومية عموما و المؤسسات الخيرية خصوصا ما هي حقيقتها من الناحية النظرية و العملية وتنظيمها وكيف ” تعمل- كما يقول الدكتور السلومي – لتحقيق امنيات الناس لحياة افضل ، وكيف تساهم لإنقاذ ارواح العديد من ضياحا الحروب ، والجوع و الإستغلال الإقتصادي”.
فالألبان بحاجة شديدة لدراسة هذه المؤسسات لأنهم عرفوا مع تجربتهم كم هي نافعة حينما حاربت الفقر الشديد الذي ورثته البانيا بعد سقوط الشيوعية ، و بعد التمرد المسلح عام 1997م ,و بعد الازمات كمأساة التطهير العرقي التي عانى الألبان في كوسوفا منها بين الأعوام 1998-1999.
فما زال الألبان يستشعرون الحاجة العاجلة للمساعدات الروحية و المادية من هذه المؤسسات الخيرية لعلاج الجروح التي خلفتها تلك الكوارث.
فقد كانت الجمعيات الخيرية الإسلامية تقف مع الألبان بمساعداتها المتنوعة لمواجهة الكوارث و النكبات. كما ساعدت أيضا في التجديد الروحي في ألبانيا بالرغم من الإتهامات الباطلة التي الصقت بهم وكأنهم جاؤوا بالأصولية و التطرف و الإرهاب الإسلامي.
وسيجد القاري الألباني بسهولة المتعة من وضوح استعراض الأدلة ، و من الاسلوب الجميل المباشر، والأوصاف و التحليلات المؤيدة من المصادر الغربية التي تعتبر اقرب لنفسية الألبان اليوم.
يختلف كثيرا هذا الكتاب عن الكتب الأخرى الدينية التي تُرجمت إلى اللغة الألبانية حتى اليوم ، فانه كما خاطب المتدينين فقد كرس خطابه للراغبين على التعرف اكثر بالنواحي السياسية و الإجتماعية لحماية الإسلام مما يسمى بالحرب على الارهاب .
كما سيجد القارئ العديد من البيانات الوثائقية حيث تشمل المعلومات التي تم الحصول عليها من 150 مؤسسة غير الحكومية ، و قد استعرضها المؤلف بعناية علمية و قدمها بدقة للقاري في سبعة فصول انقسمت في عدة مباحث و مطالب تكمّل بطلاقة بعضها البعض.
كما و سيتعرف القاري الألباني كثيرا عن تاريخ و طبيعة و نطاق انشطة المؤسسات غير الحكومية عموما و المؤسسات الخيرية في انحاء العالم خصوصا.كما سيتعرف على أهدافها و منافعها و الصعوبات التي تواجهها.
و قد اصرّ الكاتب باستمرار لينقل إلى القاري تقديره و احترامه الخاص لعمل المؤسسات الخيرية ، و ليخرج فوائد الجمعيات الخيرية الإسلامية للناس في حالات الأزمات و الكوارث الطبيعية ، و الكوارث التي تسببها الصراعات البشرية بغض النظر عن المعتقدات و الجنسيات و المستوى الإجتماعي.
كما يركز الكاتب على ان المساعدات الخيرية الإسلامية ليست مساعدت تطوعية فقط بل هي واجب من واجبات المسلم تتمثل باداء زكاة ماله .
هذا و يثير الكاتب مشكلة ذات طابع سياسي حينما يتساءل بقوله : “هل تعتبر سلطة الجماعات المدنية و المؤسسات غير الحكومية هي السلطة المستقبلية ؟ ” فهو يتمنى ذلك و يعتقد ان هذا قد يحصل ان اهتمت هذه المؤسسات غير الحكومية بنفسها لكي لا يضعف دورها او تنحرف عن أهدافها.
غير ان التجربة القليلة و غيرالمحظوظة مع المؤسسات غير الحكومية في ألبانيا لا تسمح لنا ان نتقبل مباشرة مثل هذا الحماس. و لكن هذا يجعلنا لا نشكك بالأعمال الكبيرة التي يمكن ان تنجزها هذه المؤسسات في هذا المجال.
و قد اختار الدكتور السلومي ان يختتم دراسته بتناول السؤال الذي يطرحه العديد من الباحثين الغربيين في كتبهم : “الإسلام و الغربب, المنافسة او المواجهة؟
ويحاول الدكتور السلومي تذكير القراء مرة اخرى على ان المنافسة لا تعني العداء و ان المواجهة لا تُخيف الإسلام. و يؤكد ان الأدلة لقبول المنافسة هو ان أنشطة الجمعيات الخيرية الإسلامية الا تُرى في الغرب كالمنافسة على الهيمنة و انما استكمالا لإلتزام المسلم لمساعدة الأشخاص الذين يحتاجون للإغاثة و تسهيل مصير هؤلاء الناس.
عبدي باليتا مستشار الرئيس الألباني (تيرانا)
تيرانا, فبراير 2009
لا توجد تعليقات