Skip to main content

38_# الليبرو صفوية و# الوطنية_السعودية [#الأقليات_والحقوق_السيادية؟!! (7/5)]

بسم الله الرحمن الرحيم

# الليبرو صفوية و# الوطنية_السعودية

[#الأقليات_والحقوق_السيادية؟!! (7/5)]

تفخر الدول الحديثة بقوانين حقوق الإنسان وحقوق الأقليات([1])، وحُقَّ لها أن تفخر، ولكنها أحياناً كثيرة تُخفق في الممارسات والتطبيقات داخل أوطانها، بل وأحياناً أخرى تعمل على تشريع القوانين التي تتعارض مع تلك الحقوق، والأمثلة على ذلك ليست قليلة، ومن ذلك ما صدر من قانون فرنسي في مستهل هذا القرن من الدولة الفرنسية تجاه الأقلية المسلمة، حيث أصبح ارتداء المسلمة للحجاب داخل الأراضي الفرنسية يُعدُّ مخالفاً للنظام العام، بالرغم من تعارض ذلك مع قِيَم الحرية الشخصية وقِيَم العلمانية الفرنسية!!، كما صدرت بذلك قوانين مماثلة في ثماني ولايات من الولايات الألمانية الست عشرة([2])!!، دون النظر إلى أن ذلك من الانتهاك المباشر لحقوق الإنسان وحريته الشخصية والمدنية، وهو في الوقت ذاته انتهاك حق من حقوق ديانته، وبالتالي فإن حرية الحجاب حق للأقلية المسلمة داخل أوروبا وغيرها.

لكن هذه القرارات مُبرَّرة عند الغرب بمزاعم أن ارتداء الحجاب يخالف القيم الأخلاقية الفرنسية والألمانية، وأن هذا المظهر ينتهك الحقوق السيادية (للثقافة الأم) للدولة!!، ويتعارض مع ثقافة الأكثرية.

وهناك أمثلة أخرى مع أقليات أخرى تكشف أكثر عن الفوارق بين الحقوق الإنسانية وحقوق السيادة لدى الدول سواءً كانت قوانين أو ممارسات، «فطائفة (شهود يهوه) مثلاً تطالب بحقوقها في البلاد الكاثوليكية، لكن غاية ما تطلبه هو السماح لها بأداء شعائرها وطبع منشوراتها، أما أن تطالب الكاثوليك بألاّ يتحدثوا عن عقائدها ولا يطبعوا منشوراتهم المخالفة لعقائدها فهذا ما لم تحلم به ولم تطالب به.

وطائفة (المورمن) في أمريكا ليست ببعيدة عن هذا؛ فهي تحاول باسم حرية المعتقد التخلص من القوانين الفيدرالية المخالفة لعقيدتها، لكن لا يصل بها الأمر إلى حد المطالبة بأن تفرض على الأمريكيين كلهم ألا يتحدثوا عن عقيدتها، وألا يكتبوا ضدها في الكنائس والمناهج والإعلام، ولم يخطر ببال الحكومة الأمريكية أن تجامل (المورمن) وتراجع نفسها ودستورها في قضية تعدد الزوجات (المعمول به عند المورمن)، وهي مسألة اجتماعية تتماشى مع مفهوم الحرية وتقرها الأديان والأعراف العالمية»([3]).

الأمثلة السابقة أعلاه بغض النظر عن جوانب الصواب والخطأ فيها تجاه (حقوق الأقليات) في دول أوروبا وأمريكا، فكما أنها تؤكد على التباين الواضح والصريح بين الحقوق الإنسانية وبين الحقوق السيادية، فإنها تكشف المزيد عن حقيقة مدى ما يمنحه التشريع الإسلامي من تسامح في تلبية حقوق الأقليات، وعن مدى الفوارق الكبيرة بين واقع أوروبا وبعض قوانينها، وبين ما أثبتته الأحداث التاريخية حينما حكم المسلمون أجزاءً من أوروبا، أو حكموا بعض مناطق الأقليات غير المسلمة في العالم الإسلامي، حيث ضَمِنَ لهم الحكم الإسلامي التمتع بقانونهم الخاص في حياتهم المدنية وحرية عبادتهم وقضائهم الخاص، بما لا يُخلُّ بالقانون العام لعامة المسلمين، وهو ما يمكن تسميته بـ(حقوق السيادة).

وبالرغم من أن هذه الأقليات تهدد الأكثرية أحياناً بأنواع معينة من التهديد، إلا أن حقوقهم مكفولة في الدين الإسلامي وِفْقَ منهج أهل السنة والجماعة، أو ما يُسمى بالمنهج السلفي([4])، وبقاؤهم ووجودهم زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين وعبر القرون بين الأكثرية خير شاهد على ذلك.

ومن المهم الإشارة بأن الأقليات في العالم الإسلامي بشكل عام قد تكون عقدية كالشيعة، وقد تكون الأقلية فكرية تتعارض مع الثقافة الأم للدولة كالتوجهات الفكرية المنحرفة مثل: (العلمانية، والليبرالية، والإلحاد)، وقد تكون الأقلية عرقية مثل الأكراد

وفي الحلقتين التاليتين ما يوضح أكثر عن حقوق الأقلية الشيعية في الوسط السُنِّي -كأنموذج-، وبعض المفاهيم الخاطئة التي تستوجب إعادة النظر، وبالتالي معرفة مدى الفوارق بين الحقوق الإنسانية والحقوق السيادية، من خلال كثير من النُظم الدولية والممارسات العالمية.

د. محمد بن عبدالله السلومي

1436/7/3هـ

info@the3rdsector.org

 


([1]) الأقليات في العالم الإسلامي بشكل عام قد تكون عقدية كالشيعة، وقد تكون الأقلية فكرية تتعارض مع الثقافة الأم للدولة كالتوجهات الفكرية المنحرفة مثل: (العلمانية، والليبرالية، والإلحاد)، وقد تكون الأقلية عرقية مثل الأكراد.

([2]) انظر عن القرار الفرنسي والألماني: صالح بن عبدالرحمن الحصين، (الحرية الدينية في السعودية)، ص 31.

([3]) انظر: د/ سفر بن عبدالرحمن الحوالي، مقال بعنوان: الأقلية عندما تحكم الأكثرية، على الرابط التالي: http://www.almoslim.net/node/81993

 ([4])انظر عن المنهج السلفي والسلفية والقراءة في هذا المصطلح مقالات بعنوان: # الليبرو صفوية_والمنهج_السلفي، الحلقات (5-1).

 

تصفح الرسالة pdf

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT