Skip to main content

مقابلة مجلة الدعوة عن حصار العمل الخيري

أسئلة موجهة من مجلة الدعوة السعودية عن حصار العمل الخيري

 1- برأيكم من المسؤول عن احتضار العمل الخيري، الإعلام أم السياسة؟

الجواب: محاولات تحجيم البذل التطوعي الإسلامي مؤامرة غربية لكنها تُنفذ بأيادي إسلامية، حيث القابلية القوية للمؤامرة لدى صاحب القرار السياسي. وفي ذلك كتب معالي الشيخ صالح الحصين – رحمه الله – وهو على سرير المرض ما يؤكد ذلك حيث قال: “إن الحرب الإعلامية من الغرب ضد البذل التطوعي الاسلامي، ومساندة بعض الكتابات في الصحف المحلية وبعض التوجهات داخل الإعلام المحلي، المشار إليها أعلاه، كان لها الأثر الكبير في توجيه الرأي العام في المجتمع ولما كان الموظفون الرسميون جزءاً من نسيج المجتمع فقد انعكس هذا التوجه على الإجراءات الرسمية المعوقة للبذل التطوعي في بعض بلدان الخليج، والتي سبق تصويرها وتصوير آثارها السلبية على الصالح العام”.

كما أكد الشيخ صالح – رحمه الله – على التداخل بين الإعلام المحلي والسلطة الرسمية فقال: “في وطننا الحبيب كمثال، وجد في الإعلام الداخلي مع الأسف أبلغ مساند للضغط الخارجي في جهده اللاأخلاقي لتحجيم ( البذل التطوعي) في المملكة، وأنتج أسوأ الآثار حيث تقاعست المؤسسات الخيرية في مملكة الإنسانية عن أي نشاط تطوعي دعوي أو إغاثي خارج البلاد، واتخذت إحدى هذه المؤسسات شعاراً (الأقربون أولى بالمعروف) وهذه العبارة صحيحة حين تكون الحاجات متساوية بين الأقربين والأقل قربا، أما حين تكون حاجات الأقل قربا حاجة أساسية (حاجة حياة أو موت) وحاجات الأقربين ثانوية فليس الأقربون في هذه الحالة أولى بالمعروف”.

 

2- بعد أحداث 11 سبتمبر.. هل ترى سعادتكم أن للغرب دور في تجفيف منابع العمل الخيري بمزاعم محاربة الإرهاب؟ وهل لديه وثائق إدانة؟

الجواب: نعم .. للغرب دور في ذلك التحجيم والتجفيف والحصار، وقد أشار إلى ذلك معالي الشيخ صالح الحصين – رحمه الله – في رسالته السابقة بالقول: “بعد الانتصار السهل السريع على الجيش العراقي في عام 2003 وترشيح المملكة العربية السعودية لتكون حلقة في سلسلة التغيير المخطط للشرق الأوسط، بدأت الإدارة الأمريكية نشاطا محموماً لإقناع الرأي العام المحلي والدولي بأن المملكة العربية السعودية بـ “أصوليتها” ومؤسساتها الخيرية خطر على “السلام العالمي” إذ تمثل بيئة صالحة لإنتاج الإرهاب وأعمال العنف .

ولم يقتصر الأمر على تسخير الإعلام لهذا الغرض بل اهتمت الإدارة الأمريكية بإشغال لجان الكونجرس بالاستماع لشهود من داخل الإدارة الأمريكية ومن خارجها لإقناع الكونجرس برياح الخطر على (السلام العالمي) التي تهب من المملكة العربية السعودية!!”

وعن مزاعم ودعاوى الإرهاب كتب الحصين في رسالته السابقة فقال: “ويُبرز ملف الشهادات الخاص بالمؤسسات الخيرية السعودية تلك الشهادات التي قدمت أمام اللجنة البنكية للكونجرس في 25سبتمبر 2003 نموذجا لهذا النشاط المحموم  وعند قراءة كامل الملف واستيعاب الشهادات المقدمة يلاحظ القارئ بدهشة أن الشهادات كانت قاصرة على الشحن العاطفي والتعبير الخطابي ولم تقدم معلومات محددة أو أدلة على الاتهامات الموجهة.

كان التركيز في الشهادات أمام اللجنة المذكورة على دور المؤسسات الخيرية السعودية في دعم الإرهاب، ولم تقدم أي معلومة محددة عن صلة هذه المؤسسات بالإرهاب عداً قضيتين:

الأولى: أن أحد رجال المقاومة الفلسطينية حضر في مؤتمر عقدته ندوة الشباب الإسلامي العالمي في المنطقة الشرقية بالمملكة.

والثانية: أن المملكة العربية السعودية وافقت على تصنيف مكتبي الصومال والبوسنة والهرسك التابعين لمؤسسة الحرمين الخيرية جهتين داعمتين للإرهاب.

ولحق بذلك طلب أمريكا في مؤتمر صحفي، شهده العالم بالصوت والصورة، (وشارك فيه مع الأسف أحد أبناء الوطن) من الجهة المختصة في منظمة الأمم المتحدة تصنيف مكاتب خيرية أخرى، داعمة للإرهاب”.

 

3- هل يُعدُّ هذا الحصار من الحرب على الإسلام؟

الجواب: نقول: نعم يعد هذا الحصار من الحرب على الإسلام بحكم أهمية مؤسسات العمل الخيري والتطوعي خارج أوطانها ودورها الإيجابي الكبير، وما عملته من إحباط لمخططات التنصير والتغريب في العالم الإسلامي، فحجب المؤسسات الخيرية الإسلامية عن الساحات الدولية يُعدُّ من المكاسب للمتعصبين من السياسيين والدينيين في الغرب. كما أن إضعاف العلاقة المشروعة من خلال المؤسسات فيما بين المسلمين المانحين والممنوحين في أنحاء العالم مطلب لأعداء الأمة الإسلامية، فنتائج هذا الغياب عن الساحات يُولِّد عدم التراحم والتعاطف والتعاون والدعم والمساندة فيما بين المسلمين خاصة في مواقع الكوارث والحروب في العالم الإسلامي.

 

4- هل ترى سعادتكم أن أخطاء بعض المسؤولين في المؤسسات الخيرية كانت السبب في هذا الحصار؟

الجواب: نقول: الأخطاء الفردية واردة من بعض المسؤولين، فهم ليسوا ملائكة، وليسوا إلا من داخل المجتمع والدولة، ولكن الأخطاء في حالة وجودها لا تستلزم إقفال المؤسسات أو تجميد الحسابات أو منع الحوالات الخارجية أو حصار المتبقي من المؤسسات والجمعيات، فالأخطاء الفردية تؤخذ بقدرها وتعالج كحالات أخطاء مثل ما تعالج الأخطاء الإدارية والمالية في مؤسسات القطاع الحكومي.

 

5- هل هناك قانون يُنظم عمل المؤسسات الخيرية، أم أنها بحاجة إلى تقنين أوضاعها وأن تخضع لجهات رقابية مختصة؟

السؤال الجدير بالذكر هنا.. هل هناك جهة إدارية معنية بإصدار التراخيص والقوانين التي تنظم عمل المؤسسات الخيرية العاملة في الخارج أم لا؟ فعدم وجود جهة معنية أولى وأهم،  ولذلك لا بد من معالجة هذا الخلل الإداري أولاً، وبالنسبة للرقابة فإن مؤسسات القطاع الخيري أو التطوعي تحكمها رقابات متعددة – كما هو معلوم- بحكم تعدد جهات الرقابة عليها، ولذلك فقد تفوقت المؤسسات الخيرية في شفافيتها على شفافية مؤسسات القطاع الحكومي التي لا تراقبها سوى مؤسسات حكومية فقط كما هو الواقع الإداري الحالي، وكما هو واقع النتائج في الفساد الإداري والمالي.

 

6- كيف يمكن تكوين الصورة الصحيحة عن المؤسسات الخيرية ودورها في خدمة الأمة والمجتمع؟

الجواب: أولاً: لا بد من تعزيز الثقة بين مؤسسات القطاع الحكومي ومؤسسات القطاع الخيري وحماية الأخيرة من جناية بعض المؤسسات الحكومية أو من الإعلام الرسمي المساهم في تشويه الصورة الحقيقية لجهود تلك المؤسسات.

ثانياً: منحها جميع حقوقها من الأوقاف والزكاة وحرية جمع التبرعات وفعالياته لتُطَالَب فيما بعد ذلك من الآخرين بالواجبات الملقاة عليها.

ثالثاً: لا بد من نظام أو قانون يحمي المؤسسات الخيرية من محاولات التشويه والانتقاص من دورها وحماية العاملين فيها.

وأشير هنا إلى ما أشار إليه محامي العمل الخيري ومؤسساته الشيخ صالح الحصين   – رحمه الله- حول دور الإعلام المحلي السلبي تجاه المؤسسات والجمعيات الخيرية حيث قال: “مع الأسف الشديد فإن بعض الكتابات في الصحف المحلية (وبعض التوجهات داخل الإعلام المحلي)  في بلدان الخليج ساهمت -غير مشكورة- في هذا السلوك الظالم وذلك بالإلحاح على تشويه المؤسسات الخيرية  وإثارة الغبار حول نشاطها، والتحريض عليها إما من قبل قلة من الإعلاميين من المتصحفين الأغرار الذي جمعوا بين الجهل والطيش وانعدام الإحساس بالمسئولية، أو من قبل قلة من الأكاديميين والمتأكدمين، ولكن هذه القلة مع الأسف مرتفعة الضجيج  مثيرة للاهتمام، وتنطلق من رؤية عامة متحيزة ضد التدين والمتدينين وهي إذ تكثر الحديث عن الديمقراطية، والمشاركة في صنع القرار السياسي، وحرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان تتنكر للحرية الشخصية إذا بدا أن لها علاقة بالتدين والمتدينين، هي مع الأسف تنطلق من نزعة عدمية إذ تهدم وليس لديها بديل تقدمه، والأساس في هذا كله ضعف النزوع الأخلاقي – في الأبعاد الثلاثية للإنسان عند فرانكل –  لديها، وهشاشة الإيمان بمبدأ ثابت، وقد نشأ ذلك عن عجز هؤلاء عن الانعتاق من فقر القلب ومرضه ومن الأنانية والنرجسية والتعالي وبطر الحق وغمط الناس ومن العجز عن الانفتاح على العالم خارج الذات بكرم وسماحة”.

 

والله ولي التوفيق،،،

 

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT