نبذه عن الكتاب
في التاريخ البشري العام صفحات مضيئة، وفيه صفحات إسلامية مشرقة لا تمتلكها أي أمة من الأمم كثرة وخيراً وجمالاً، وسمو مقاصد، وكتب التراجم والسير شاهد على ذلك، بل إن في بعض صفحات هذا التاريخ أقواماً عندما نستعرض حياتهم ونقلب في تراجمهم نراهم كأنما جُبِلوا على فعل الخير للغير ونصرة دينهم، وحمل هموم مجتمعاتهم وطموحات أمتهم، صفحاتهم بيضاء ناصعة جميلة، وكثير من هؤلاء قد يكونون غير مشهورين بغزارة العلم، أو ممن يشار إليهم بالبنان في كل حين، لكنك تراهم على بساطتهم يتركون آثاراً طيبة وبصمات حسنة وأعمالاً إيجابية، عُرفوا بأفعالهم المحمودة على أسرهم ومجتمعاتهم بل وأمتهم، ولعل هذا من أسرار عظمة هذا الدين، حيث لكل إنسان في الإسلام حقوقه وكرامته ومكانته ودوره في منظومة خيرية الأمة وتعزيز القيم وبناء الدول عبر التاريخ .
تعريف بالكتاب
ترى هؤلاء –وهم كثير بحمدلله في المجتمع المسلم- نذروا أنفسهم لله، قائمين بالنصح له والدعوة إليه خدمةً لدينهم، دونما كلل ولا ملل: بالكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمواقف الاحتسابية وبالمبادرات التعاونية، والشراكة المجتمعية في العمل الخيري، وبنشر العلم والتعليم وإصلاح ذات البين وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، وتفريج هم المكروب، وتوفير المجالس والمنتديات الصالحة والإسهام بمجالس العلم والمعرفة، وبتعليم الأفكار الايجابية وتفعيلها، والتوجيه بكراهية الأعمال السلبية والعمل على وأدها من خلال الوعظ والنصح والمشورة، وتقديم مجالس المؤانسة والترفيه لأهلهم ومجتمعهم فهم بأعمالهم وبرامجهم ومواقفهم أصحاب مشروع، فمشروعَهم وهَمَّهم هو الإنسان بتعليمه وتثقيفه وتأهيله لمنظومة الحياة الاجتماعية والسياسية.
ومجتمعنا كان ولا يزال يضم بين جنباته رجالاً ونساءً لا يمكن حصرهم من هذا النوع الذي يتصف بالصفات سابقة الذكر أو بعضها، بل إن بعض الآباء أو آبائهم -المطوِّعة أو المتطوِّعين- كانوا يُعدَّون مدارس علمية وتربوية فمجالسهم وبيوتهم من أعظم بيوت الخير والدعوة والتعليم، ولكن تعظيم التاريخ السياسي والجهل بالتاريخ الاجتماعي للشعوب،أواختزال الاجتماعي بالسياسي، أو أُميَّة التدوين عند كثير من الأبناء، أو تجاهل حقوق رواد التطوع والمشاريع الاجتماعية عند بعض الإعلاميين والمتعلمين والمثقفين في مجتمعنا، وما سبق أو بعضه غَمَط حقوق هؤلاء فلم تُدِّون سِيُرهم، وما دُوّن منها لم يعط حقه من النشر.