المقدمــــــــة
منذ أن سقطت الشيوعية عام (1991م), ظهر عالم جديد يعرف (بالقطب الأحادي), وبرزت تحولات متسارعة، واحتدم تنافس جديد بين الحضارات.
ثم وقعت أحداث 22/6/1422هـ _ 11/9/2001م، وأعقبتها متغيرات كبيرة وكثيرة، أضرت تداعياتها العالم العربي والإسلامي أضعاف ضررها بخصومه, حتى أثارت تلك الأحداث سؤلًا كبيرًا هو: من المستفيد؟ ومن المتضرر من تلك الأحداث؟ التي منحت رخصًا دولية ومحلية للأقوياء لفعل ما لم يُستَطع فعله من قبل, وذلك على حد وصف الكاتب الأمريكي (نورمان ميلر) ([1]) Norman Melar.
أصبحت الحرب العالمية على ما يسمى بالإرهاب بوظائفها الخفية كنظامٍ يُغِل منافع مهمة وغطاءٍ لمشروعات استراتيجية حرباً بلا نهاية، لأنها لا تهدف إلى الفوز, فهي حرب تتغذى على عدم كسب الانتصار، أو تقوم على الفعل ورد الفعل لإطالة أمدها، حيث استُخدم الإرهاب للقضاء على الإرهاب, وسُخِّرت كل وسائل التخويف لإنهاء الخوف, على حد تعبير الكاتب البريطاني (ديفيد كين) David Keen في كتابه حربٌ بلا نهاية([2]), وكانت إحدى النتائج ظهور قواعد ومصطلحات دولية جديدة في الموالاة والمعاداة تُصنِّف العالم إلى محاور , ودول للشر وأخرى للخير! ومعنا أو ضدنا!.
لقد أصبح عالم ما بعد 11 سبتمبر مختلفًا عن عالم ما قبله؛ حيث شكَّلت تلك الأحداث منعطفًا تاريخيًا في مجال حقوق الإنسان والعلاقات الدولية، وتجاوزت التحولات كل الأعراف والقيم والمواثيق الدوليَّة، بعد أن بلغت حد إضفاء الشرعية على حروب الهيمنة والاعتداء! وتبنِّي برامج الفوضى الخلاَّقة! وحلّت الحروب الاستباقية محل القوة الناعمة ومحل حقوق الإنسان والسلام الدولي فأحلّ الغرب لنفسه حروب الطلب في الوقت الذي حرَّم ومنع واستهجن من المسلمين جهاد الدفع والمقاومة وظهر ما يسمى حرب الأفكار أو المعركة على روح الإسلام، كأبرز معركة إيدلوجية فيما بعد الحرب الباردة! أشعلها وتولى كبرها منظرو ما يسمى المحافظون الجدد (Neo) وعلى رأسهم دانيل بايبس الأمريكي.
لقد استغرق تشريد حوالي أربعة ملايين فلسطيني أكثر من ثلاثة عقود من الزمن , أما في عصر الفوضى والحرب على ما يسمى بالإرهاب؛ فتشريد أكثر من أربعة ملايين عراقي لم يستغرق أكثر من ثلاث سنوات!
لقد شهد الغرب بعد تلك الأحداث تحولات كبيرة في السياسة والإعلام والاقتصاد, وتغيرات في أهداف الاتحادات والتحالفات الجديدة والعلاقات الدولية, كما رسم الغرب خططًا جديدة لحلف شمال الأطلسي (النيتو), وبدلت استراتيجيات عسكرية وحربية, وظهر مصطلح العدو (الأخضر) إشارة إلى المسلمين بدلًا من (العدو الأحمر) الذي كان يمثل الشيوعية (العدو التقليدي للحلف), كما سقطت معظم شعارات الغرب التي كانت تحمل مضامين إنسانية وأخلاقية.
رافق هذه التحولات السياسية والعسكرية والثقافية تسارع وتيرة التغول الاقتصادي, فالأغنياء يزدادون غنىً , والفقراء يزدادون فقراً. فكما تُظهر القائمة السنوية لمجلة فوربوس (Forbes) مارس 2007م؛ فإن 946 من أصحاب المليارات في العالم يملكون (1.8) تريليون دولار , بينما بلغت ديون العالم الثالث (1.2) تريليون دولار.
وفي ظل الليبرالية الاقتصادية العالمية الجديدة([3]) ينمو الاقتصاد باستمرار، بينما تتراجع الرفاهية بلا انقطاع، فهو كما وصفه الألماني (هورست أفهيلد) Horst Afheldt في كتابه (اقتصاد يُغدق فقراً), «اقتصاد غير مجدٍ فعلاً, اقتصاد يغدق فقراً, تتفاقم فيه البطالة, ويضعف التكافل الاجتماعي أو ينعدم فيه برغم ارتفاع الناتج القومي إلى الضعف!». ([4])
وبينما تزداد الشعوب فقرًا تزداد الشركات العالمية توسعاً فقد بلغ مجموع عمليات الاندماج بين تلك الشركات في عام 2000م خمسة آلاف 5000 عملية, أي ضعف ما تم قبل عقد من الزمن([5]).وزادت عمليات دمج الشركات في النصف الأول من عام 2007م بنسبة 53% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 2.5 تريليون دولار عالمياً. ([6])
وواصلت عمليات الاندماج ارتفاعها لتصل إلى 3.000 عملية بلغت قيمتها الكلية 3.28 ترليون دولار. ([7])
تقول (نورينا هيرتس) Noreena Hertz في كتابها (السيطرة الصامتة): «وهذه الشركات قد تغذينا أو تدعمنا أو تخنقنا – وبحسب هواها – حيث تبدو أيدي الحكومات مقيّدة، لم يشهد التاريخ الحديث مثل هذه الهوّة التي تفصل بين الفقراء والأغنياء والتي تزداد في الاتساع, وكذلك لم يشهد مثل هذه الأعداد من المستعبدين أو الذين لا نصير لهم».([8])
«لقد أصبح علم الاقتصاد هو السياسة الجديدة , وصارت التجارة هي المسيطرة, وأعادت الحكومات تحديد دورها من دور المشرِّع إلى دور الحَكم , ومن دور الحارس إلى دور نصير الشركة».([9])
ولعلَّ انهيار النمور الآسيوية بشركاتها وبنوكها عام 1997م , وأزمة مديونية المكسيك والبرازيل والأرجنتين عام 1998م و1999م , والهبوط الحاد الساحق في أسواق الأسهم في دول الخليج عام 1427ه – 2006م, وانهيارات السوق العالمية في رمضان 1429ه – 17/سبتمبر 2008م، وما سبقها وتلاها من أحداث, كلها تعّد من المؤشرات والنماذج المصغرة جدًا لمخاطر ضياع مستقبل الاقتصاديات المحلية والوطنية وابتلاعها، وفي الوقت ذاته فإن تلك المؤشرات في التغوّل أو الانهيار توجب البحث عن أفضل السبل والوسائل لتوطين الثروات الوطنية , فهي تحديات لكنها توجد فرصًا إيجابية.
ومع إطلالة عام 2008م انتقل العالم إلى مشكلات وأزمات الغذاء، إضافةً إلى أزمات الفقر والمرض , فقد بدأت الأسعار تمس الطبقات المتوسطة , والحكومات ليس لديها حلول سريعة , واستثرى الغضب بسبب ارتفاع أسعار الأغذية الرئيسية, فقد زادت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 45% منذ نهاية عام 2006م([10]), وعلق صندوق النقد الدولي ورئيسه دومينيك شتراوس الجرس منبهًا حكومات العالم إلى أن القادم سيكون الأسوأ في أزمة الغذاء، من حيث المعروض والأسعار، وقد حذرت الأمم المتحدة من أن 82 دولة بما فيها الصين تواجه حالات غذاء طارئة , بعد تراجع مخزونات القمح إلى أدنى مستوياتها منذ عام 1980م([11]). وإضافة إلى ما سبق فإن المخاطر المستقبلية لأزمات (التغيرات المناخية) تزداد مما يتطلب مؤسسات توازي حجم الكوارث المتوقعة.
عولمة الأقوياء لم تقتصر على السياسة والحرب والاقتصاد، بل امتدت إلى الثقافة أيضًا، فالعصر الإلكتروني المشبع بالفكر الغربي نشهد آثاره في بقية العالم , إلى درجة دفعت بعضهم للدعوة إلى صحوة في العالم النامي للتشمير عن سواعدهم, كي لا تستعمر ثقافاتهم , وذلك على حد وصف (السفير الأمريكي) في المملكة العربية السعودية وتونس وزائير walter Cutler([12]) لهؤلاء الغيورين , خاصة أن وسائل الثقافة والمعرفة بكل أشكالها تعد من أهمّ عومل التغيير والتأثير على الحياة السياسية والثقافية والسيادة الوطنية .
فالثقافة الحديثة توفر فرصًا كبيرة للأقوياء (الغرب)؛ لانتهاك الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للشعوب والدول والأفراد وتحجيمها, مع ما يصحب ذلك من هوس الأسواق وأنماط الحياة الاستهلاكية, التي تدمر فرص الإنتاج المحلية, وتهدد قيم الهويات الوطنية ومبادئها, مع حصار غير مسبوق لهوية شعوب العالمين العربي والإسلامي ودولهما.
يشير مؤلف كتاب (القوة من النوع الثالث)، إلى أن التدخل الغربي يجري تحت شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان والبيئة النظيفة, مع احتكار غربي لتفسيرها, وفرض لبُعدها الثقافي وبنيتها السياسية .
«ولأن الغرب يرى أن ثقافته أساس للبشرية؛ فإن السؤال حول فصل السياسة عن الثقافة -بالنسبة لهم- غير مطروح أصلاً»([13]), « فهناك المؤسسات التي تملك القدرة على التدخل في الشؤون الداخلية للدول بنوايا نقية, من نوع محاربة الجوع والصراعات الداخلية وانتهاك حقوق الإنسان, لكن ذلك مثار شك لسببين:
أولهما: الافتقار لإجماع دولي عن هذا التدخل .
وثانيهما: أن تلك المنظمات واقعة تحت سيطرة دول غربية محددة ذات مصالح معروفة».([14])
وتكشف الباحثة البريطانية (هيرتس) في كتابها (السيطرة الصامتة) أن هناك تلاعبًا يجري بالعالم من خلال تلك المصطلحات، وحجتها: «أن فكرة حماية حقوق الإنسان كلها قد نحيت جانبًا عندما انصب اهتمام الحكومات الغربية على حاجتها لترويج التجارة وتبنِّي مصالح شركاتها عبر العالم»([15]). وخلصت هيرتس؛ إلى أن «التسربل باهتمام أمريكا بحقوق الإنسان أجندة اقتصادية صريحة».([16])
هذه الحقائق تجعلنا نُصدم مما يقوم به بعض المستغربين (والعلمانيين) من المتبنّين لبعض شعارات الإصلاح في دول العالم العربي والإسلامي , فقد جرى احتلال (استعمار) وعيهم الثقافي , ليصبحوا – بوعي أو دون وعي – أدوات ووسائل تنفيذية للشعارات والمفاهيم الغربية وعوامل إضعاف للسيادة الوطنية, وعلى الرغم من كونهم أقلية , إلا أنهم بحكم الرعاية الغربية والدعم السياسي والإعلامي الأجنبي وبعض المحلي أصبحوا (قوة ناطقة)، تعتدي على أصول وثوابت الأمة الإسلامية وثوابتها وهوياتها الوطنية؛ لتحقيق مشروعات سياسية أجنبية تحت لافتة الشعارات الغربية نفسها (حرب الإرهاب) , (الإصلاح السياسي) , (مؤسسات المجتمع المدني) , (إصلاح المناهج الدينية) , و (حقوق المرأة) , (حقوق الأقليات)! وغير ذلك حتى تأكد تناغمهم مع متعصبي الغرب.
الجبهة الأبرز للهجمة الغربية على العالم الإسلامي عقب أحداث 11 سبتمبر 2001م تمثلت في القطاع الخيري، ففي الوقت الذي يدعم فيه الغرب القطاع الخيري عنده ويعده قطاعًا ثالثا, حرص المتعصبون من غلاته وقادته على محاربة (القطاع الخيري) في المجتمعات الإسلامية؛ من خلال هيمنته ونفوذه وسيطرته على كثير من الحكومات الإسلامية.
لبعض الدول الغربية – خلال فترة الاستعمار المباشر لأكثر البلدان الإسلامية– تجارب مريرة مع القطاع الخيري الاسلامي، تمثلت في مصادرات للأوقاف في بعض الدول الإسلامية، وهذا ما فعله الإنكليز في فلسطين وما يفعله اليهود الآن؛ لكن الأخطر اليوم هو: عملها على تحييد فاعلية ذلك القطاع من خلال تبنِّي الحكومات العربية إخضاعه للبيروقراطية الحكومية التي تُحَجِّمه وتقيّده, أو من خلال تبعيته للمؤسسات الحكومية التي تتحكم به لتفقده فاعليته الحقيقية من جهة , كما إن بعض الحكومات بإجراءاتها ونظمها الإدارية تزهِّد المانحين والمتبرعين له من جهة أخرى؛ ليموت هذا القطاع، أو يعيش مريضًا مشلولًا, أو يضمحل أو يفقد دوره المهم والحيوي الذي ظل يؤديه في المجتمعات الإسلامية قرونًا طويلة.
لقد أكدت الحملات الغربية على ما يسمى بـ (الإرهاب) أنّ تهميش (القطاع الخيري) في العالمين العربي والإسلامي وتحجيمه بشكل مريع هو نتاج استراتيجيات غربيّة ثابتة, جعلته – ولأول مرة في تاريخه – محل شبهات كثيرة وشك كبير, وخوف وتوجُّس عند كثير من أبناء المسلمين حكامًا وسياسيين, مفكرين ومثقفين, تجارًا ومانحين!([17])
يحدث ذلك في وقت تزداد فيه الحاجة إلى القطاع الخيري في بلدان المسلمين، ففي العالم الإسلامي يعيش 37% من السكان تحت مستوى خط الفقر, أي ما يعادل 504 مليون شخص تقريبًا, وتبلغ نسبتهم إلى فقراء العالم 39%, وهذا يعني أن أكثر من ثلث سكان العالم الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر هم من دول العالم الإسلامي ويعيشون فيها ([18]). وطبقاً لما ورد في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام 2009م فهناك 65 مليون عربي يعيشون الفقر وتحت خط الفقر، وحسب تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 16/4/2007م: هناك 4 ملايين عراقي مشرَّد في الداخل والخارج، وهناك أكثر من 4 ملايين فلسطيني مشرد, ناهيك عن مشردي أفغانستان والصومال والسودان (دارفور) , وبقية أخرى من شعوب الدول الإسلامية تنتظر دورها .
وعن البطالة فالمعدل العربي للبطالة هو الأعلى في العالم، إذ قدره أحمد لقمان مدير منظمة العمل العربي بحوالي 14 % حيث يزيد عدد العاطلين عن العمل على 17 مليون عربي. ([19])
لكن وزير العمل البحريني الدكتور مجيد العلوي يرفع هذا الرقم إلى ثلاثين مليون عاطل، ويتوقع ارتفاعه إلى 70 مليون عاطل خلال العقد القادم، وكما أشار تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية لعام 2009م أن البلدان العربية ستحتاج بحلول عام 2020م إلى 51 مليون فرص عمل جديدة، حيث بلغ معد البطالة بين الشباب في العالم العربي ما يقرب من ضعف ما هو عليه في العالم بأسره حسب التقرير.([20])
كما يظهر تقرير صادر عن الأمم المتحدة للتنمية الإنسانية العربية أن ما يقرب من ثمانية ملايين طفل عربي في سن الدراسة لا يجدون مقاعد دراسية.
وحسب تقرير (وكالة الأنباء السعودية) الصادر بتاريخ – 26/6/1428هـ – يوجد في العالم العربي 70 مليون أُمِّي 80% منهم نساء.
في المقابل وحسب معهد التمويل الدولي؛ فإن دول مجلس التعاون الخليجي حققت طفرة اقتصادية بحلول نهاية عام 2007م قُدرت بـ 540 مليار دولار, مما يفوق قيمة صادرات كل من البرازيل والهند وبولندا وتركيا مجتمعة, وقد يقفز التكتل الخليجي الذي يحتل المرتبة 16 بين اقتصادات العالم ليصبح سادس أكبر اقتصاد في العالم بحلول سنة 2030م.([21])
وأوضحت أرقام منظمة التجارة العالمية أن دول الخليج ستصبح القوة الاقتصادية السادسة في العالم من حيث الصادرات, بقوة تصديرية تتجاوز نصف تريليون دولار وذلك بعد تطبيق السوق الخليجية المشتركة اعتبارًا من الأول من يناير 2008م.([22])
وحسب تقرير أداء الاقتصاد العربي الموحد لعام 2007م، فقد بلغ حجم الناتج المحلي الاجمالى لدول العربيه في عام 2006م نحو 1.276 مليار دولار أمريكي، محققًا بذلك وللمرة الثانيه قيمة جاوزت التريليون دولار أمريكي، وإن جملة (الإيرادات العامه) في الدول العربيه في عامها الرابع على التوالى ارتفعت ارتفاعًا كبيراً، وبلغت الإيرادات العامه نحو 488مليار دولار، تمثل نسبة اربعين 40% من الناتج المحلى الإجمالى ([23]).
وعلى الرغم من الانهيارات الاقتصادية العالمية فإن الاقتصاد العربي يمتلك مقومات تجاوز الأزمة، كما يمتلك مقومات التوطين لاستثماراته.
القطاع الخيري (القطاع ثالث) هو المؤهل لتحقيق التكامل والتكافل بين فقراء المسلمين وأغنيائهم والدول المانحة والممنوحة، وهو مرشح للإسهام في كل جوانب التنميه بتوطين واستمثار أمثل للأرقام والإحصاءات السابقة في هذه المرحلة التأريخية.
فواقع العالمين العربي والإسلامي في القرن الجديد يفرض عليه المبادرات العاجلة والعمل بكل الوسائل للتصحيح والإصلاح, فقد بلغت فيه الأميَّة والفقر والاستبداد السياسي والتخلف العلمي والاقتصادي والفساد الإداري نسباً كبيرة، تجاوزت بها كثير من الأمم .
ومن أهم متطلبات هذه المرحلة التاريخية؛ أن يبادر العالم العربي والإسلامي إلى العمل على الانتقال الإداري من قطاع الحكومة الذي تكوَّن بعد «سايس بيكو» , إلى مفهوم الدولة الواسع ذي القطاعات الثلاثة.([24]) بالتصحيح الإداري لنفسه , ليس على مستوى إعادة وحدته السياسية التي لا يمتلك مقوماتها في حقبته الراهنة, ولكن على مستوى اتحاد منظماته وأوقافه وجمعياته ومؤسساته العلمية والدعوية والإغاثية ومجالس علمائه ومفكريه باتحادات وتحالفات وشراكات, محلية وإقليمية ودولية.
هذا القطاع يعد الداعم الأساس للقوة الناعمة أو القوة السلمية , التي أشار إليها المؤلف الأمريكي (جوزيف ناي) Joseph S.nye: ([25])
فالقطاع الخيري القائم على القيم الروحية والمبادئ السامقة في الإسلام هو المرشح الحقيقي –بإذن الله تعالى- لوصفه بـ (القوة الناعمة), ففعاليته القوية تستمد من قدرته الذاتية كعقيدة وشريعة على كسب العقول والقلوب والأفكاروتوحيد الأمم والدول.
لقد أصبحت احتياجات شعوب العالمين العربي والإسلامي ومطالبهم تتطلب – تطلعاتهم الكبيرة – الانتقال من الفهم الضيق للقطاع الخيري إلى المفهوم الشامل والكبير للخيرية وإلى مفاهيم (القطاع الثالث)، متجاوزة الواقع الصغير والمختزل لأهداف الجمعيات والمؤسسات وبرامجها – واقعها الحالي- إلى العمل بالقطاع بوصفها شريكاً في جميع عمليات التنمية.([26])
إنّ الدعوة إلى ضرورة إحياء العمل بما أصبح يسمى حديثًا بـ (القطاع الثالث), واغتنام الفرص السانحة ليس بدعاً, بل هي دعوة إلى إحياء ما كان موجودًا أصلًا في حضارتنا وتاريخنا وتفعيله.
ولكن لا ينبغي تكريس الصورة النمطية التاريخية نفسها لهذا القطاع نفسها, بل لا بد من إضافة بُعدٍ أوسع وأفقٍ أرحب , كما هو الحال دائمًا في الحضارة الإسلامية التي تستوعب الواقع , وتستفيد من ثمار الحضارات الأخرى وتتفاعل معها, فتمتص إيجابياتها, وتفرغها من انحرافاتها أو سلبياتها.
فالدولة أصبح لها مفهوم إداري عالمي حديث ينبغي الاستفادة منه، وكما أن استنساخ الأنموذج الغربي لإدارة الدولة ليس واردًا , فمن غير الصحيح – أيضًا – تجاهل الواقع , وتخطي الفوارق الزمنية بالكامل, إلى أنموذج إدارة الدولة التقليدي, وفق الصورة النمطية التاريخية.
ولنَا – معشر المسلمين اليوم – فيما أحدثه عُمر (الفاروق) -رضي الله تعالى عنه- من آليات ووسائل محدثة لإدارة الدولة عندما كبرت وتوسعت في عهده خير مثال.
لقد قامت الإدارة الحديثة للدول المتقدمة في الإدارة والصناعة والاقتصاد باعتماد (القطاع الثالث) (ThirdSector) ([27]) قطاعًا أساسيًا وشريكًا في جميع عمليات التنمية (Development) وقطاعًا مساندًا للقطاع العام والخاص , ليس على صعيد المعالجات المباشرة للفقر والمرض والجهل بالمساعدات والمعونات فحسب, بل إن الأمر تعدى ذلك إلى الشراكة التنموية من خلال الوجود الكبير والمنظم للمنظمات، والجمعيات، والاتحادات, والشركات، والمستشفيات، والجامعات غير الربحية (N.P.O) .
وباعتبار كل ما سبق فإن (القطاع الثالث) في العالم العربي والإسلامي هو المرشح القوي -بوصفه قطاعاً تنموياً وخدمياً- للحفاظ على توطين كثير من الموارد الاقتصادية الوطنية، من خلال تطوير وسائل الأصول الوقفية المحلية واستثمار مخرجاتها النقدية وعدم تعريضها إلى مخاطر الأسواق الدولية, ودوراتها الاقتصادية الخارجية.
إن التنميةالاقتصادية والاجتماعية ودعم اقتصاد المعرفة والثقافة وتحقيق السيادة الوطنية، خاصة في القرن الواحد والعشرين بتحدياته وتحولاته، لا يمكن أن تتحقق بالقطاع العام (الحكومي) ولا بالقطاع الخاص (التجاري) بعيدًا عن الوجود القوي لـ (القطاع الثالث) بشقيه الخيري وغير الربحي، وذلك حسب تعبير الكاتب الأمريكي (كريستوفر قن) Christopher Gunn في كتابه (تنمية القطاع الثالث) (Third- ectorDevelopment) حينما قال: «إن الاستثمار من القطاع الخاص الربحي قد تجاوز سلباً المجتمعات الفقيرة, كما أن أي جهد أو مساعدة من القطاع العام (الحكومة) تلقتها هذه المجتمعات لم تكن كافية لإشعال فتيل التنمية».([28])
إنّ الفرصالسانحة أمام القطاع الخيري (كقطاع ثالث) في العالمين العربي والإسلامي كثيرة يصعب حصرها وإن كان من أهمها:
التوجه العالمي يزداد نحو تقليص دور الحكومات أو تغييره في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية – بما في ذالك العالمين العربي والإسلامي- وتغيير حدود مسؤولياتها في جوانب خصخصة الخدمات وغيرها وهو ما يسميه البعض (بيع القطاع العام) ([29]) , مسايرة للعولمة الاقتصادية, مما سيؤدي إلى انخفاض الإنفاق الحكومي على الخدمات العامة في قطاعات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية وغيرها, وهذا سيوفر فرصًا غير مسبوقة لتنشيط دور القطاع الثالث وتوسيعه وتفعيله.
النجاح الإداري الباهر لتطبيقات (القطاع الثالث) عالميًا , واستثمار التحديات الخارجية المتنوعة , واستيعاب تحديات التنمية الداخلية المتعددة خاصة مع توفر كل وسائل التقنية والاتصالات الحديثة.
واقع الطفرات الاقتصادية لكثير من الحكومات العربية والإسلامية – رغم الانهيارات العالمية-, وما يتبع ذلك من مدخلات مالية واقتصادية ضخمة، يمكن أن تساهم في تنمية الأوقاف وتفعيل الزكاة والتبرعات والصدقات. والشروع في إنشاء المؤسسات والبرامج الطبية والعلمية والتعليمية والإعلامية (غير الربحية) ودعمها لتشكل البنية الرئيسية لمؤسسات القطاع الثالث. ولتمنح استثماراتها ومشاريعها وأوقافها قوة اقتصادية وطنية محلية لا تدخل ضمن دوائر الاقتصاد الدولي.
المعدلات المرتفعة في النمو السكاني للعالم العربي والاستثمار المبكر للإنسان , كفرص تدعم التنمية الإنسانية, فالإنسان هو رأس المال الحقيقي للأمم . فحسب المعهد العربي لإنماء المدن فإن نسبة سكان العالم العربي دون عمر 18عامًا وصلت في عام 2007م إلى 43% من مجمل السكان([30]), فالموارد البشرية هي الصانع للقوة المعنوية , وهي المنتج والداعم للموارد الاقتصادية لدى الأمم الحية.
الآفاق المستقبلية لقوة (القطاع لثالث) وفاعليته عالميًا, والحقائق المستقبلية عن انتصار الإسلام وقطاعه الخيري والطلب العالمي عليهما, حيث تتيح فرصًا لا تعوض في وجوب المبادرات, واقتناص كل الفرص للعمل بمفهوم (القطاع الثالث) وبشكل لا يحتمل التأجيل.
إن الفرص السانحة ليست مقصورة على الفرص الغزيرة الداخلية للعالمين العربي والإسلامي فحسب, بل إن التحولات والمتغيرات الخارجية العالمية بسلبياتها ومِحَنها تُعد مِنحًا وإيجابيات للمخلصين من الساسة والمفكرين والعلماء ورجال الإعلام, وأرباب المال والمؤسسات (المانحة) أو (الممولة) و(المتبرعة) Funders) (Givers) (Donners)) ([31]), وكذلك الجمعيات الممنوحة([32]) , ليقوموا بدورهم الإيجابي ومسؤولياتهم الوطنية والاجتماعية، ومن هذه الفرص:
أوجد العالم -وخاصة عالم الرأسمالية الليبرالي- اليوم بتحولاته وتغيراته، وتغول اقتصاده وانهياره, بتناغمه وتناقضاته, بسلبياته وإيجابياته, فرصًا غير مسبوقة لإعادة تفعيل القطاع الثالث (الخيري) في العالمين العربي والإسلامي. فموت الغرب أو انتحاره أو احتضاره – كما أشار إلى ذلك مفكروه وكُتَّابه -, يجب أن لا يكون أمنية أو هدفًا بحد ذاته, بقدر ما يكون دافعًا للعمل والتصحيح والإصلاح الذي يستعيد به المسلمون دور القطاع الخيري الحضاري التاريخي؛ ليكون (قطاعًا ثالثاً) فعَّالًا مساهمًا في إدارة الدول والحكومات, لما فيه خير البشرية كلها.
ألحق السقوط الأخير للغرب في مختبر أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م , وتداعياته في ميادين الحياة العملية، الكثير من الهزائم الأخلاقية لدول ومنظمات حقوقية, وإغاثية وإنسانية عدّت نفسها راعية للقيم الإنسانية الكونية, من العدل والحرية والمساواة والتعامل الإنساني وحقوق الإنسان والليبرالية الفردية والعلاقات الدولية …إلخ, وتساقطت تلك القيم الواحدة تلو الأخرى، كل هذا يُعدُّ فرصًا سانحةً لتقديم البديل للعالم, من خلال صناعة منظمات وهيئات ومؤسسات دولية تقوم على تشريعات وثوابت من القيم, لتكون شريكًا للنظراء العالميين المخلصين.
إن ما سبق يوجب العمل بسياسات واستراتيجيات جديدة تُنافس استراتيجيات الخصوم أو المنافسين أو توازيها, ومن أهمها مفهوم (القطاع الثالث) استثمارًا واستيعابًا لطاقات المجتمعات والشعوب، وإصلاحًا لواقع الحكومات والدول, ثم التصدي والمواجهة العلمية والعملية السلمية لإيصال حقيقة الإسلام بتشريعاته الإجتماعية والاقتصادية والسياسية، وبثوابته وقيمه التي قد تكون غائبة عن شرائح كبيرة من المعتدلين وأنصار الحقيقة في المجتمعات الغربية والشرقية، ولا سيما مع انكماش سياسي مُرتقَب وفشلٍ مُنتظَر للرأسمالية الغربية.
هذه الفرص تؤكد ما طرحه بعض المثقفين بقوة عن أهمية المنافسة واقتحام الجدار الغربي لبيع بضاعتنا في أسواقه, والترويج لرؤيتنا ورؤانا التي قصَّرنا – ولا زلنا – في إيصالها للآخرين, مع وجوب عدم فقدان الأمل فمن المؤكد أن هذا الجدار ليس حديديًا أو شيئًا يستحيل اختراقه. ([33])
وعلى صعيد الفرص فإن المد الإسلامي المشهود له عالميًا, وانتصار عقيدته وفكرته هو النصر الحقيقي، حينما يصحبه اعتقاد معتنقيه بالنصر لدينهم وقضاياهم, مع اليقين بهزائم أخلاقيات الخصوم, حتى لو كانت الغلبة للقوة المادية لأولئك الخصوم أو المنافسين.
هذا الانتصار يزهو حينما يصحبه صحوة بين الأقليات المسلمة في العمق الأوربي والأمريكي ودول الشرق، ودخول الناس في دين الله أفواجا في أرجاء العالم تشهد به الأرقام والإحصائيات الواردة في ثنايا هذا الكتاب, إضافة إلى جاليات عربية وإسلامية متعددة ومتنوعة في أوربا وأمريكا وغيرهما أيقظتها برامج واستراتيجيات التشويه والتخويف من الإسلام أكثر مما نفَّرتها، فهي تقوى وتتقوَّى بالمناوأة والمقاومة الفكرية والثقافية. لقد أصبح المسلمون بهذا وذاك جزءًا من تركيبة العالم، والعالم الغربي بوصفهم مواطنين بشكل خاص، ويمتلكون مقومات التحالفات مع شعوب العالم العربي والإسلامي في ميادين (القطاع الثالث) وهذه فرص سانحة .
ليس من شروط انتصار الإسلام -الآن- أن يعود العالم الإسلامي دولة واحدة، ممتدة الأطراف ظاهرة على الأعداء وغالبة بالقوة العسكرية والسياسية, فمفهوم النصر أوسع وأكبر من ذلك بكثير, وكذلك ينبغي أن تكون آمالنا.
إنّ الدين الذي يُحَارب, وتُلصق به دعاوى الكذب والافتراء, ويُمارَس بحقه التشويه والإرهاب, ثمَّ لا يزيده ذلك إلا قوَّة؛ هو دينٌ منتصرٌ بحقّ. وما قصة أصحاب (الأخدود)! وكذلك تنكيل الطغاة الأثرياء الرومان الوثنيين بالقلة المستضعفة من أتباع المسيح عليه السلام في أوربا – قُبيل انهيارهم! – مِنَّا ببعيد , ولعل أنموذج إسلام المرأة الغربية اليوم الذي يفوق إسلام الرجل ثلاث مرات، برغم الحملات المنظمة المكثفة عن مزاعم ظلم المرأة في الإسلام كافٍ للاستدلال.
إن نوافذ الأمل كثيرة يراها كل صاحب بصيرة وطوفان عولمة الثقافة الذي أغرق معظم الأرض -ولّما يستكملها- سيحمل معه سفينة الإسلام إلى كل مكان يبلغه الطوفان, وسيتجاوز بها كل الحدود, ليوصلها إلى كل القلوب, برغم الكيد العالمي والقوى المضادة. لقد تزامن طوفان الثقافة المتسارع والخارج عن السيطرة مع خواء الغرب الروحي, وإفلاسه الأخلاقي, وانهياره الاقتصادي فأصبح انتصار الإسلام, وكتابه (القرآن) مسألة وقت([34]) وهذا كلّه يشكل فرصًا سانحة لمعتنقيه فإن كان هذا, وإلا فهي سُنّة (الاستبدال): )وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ([محمد : 38 ].
لقد حرصت في هذا الكتاب أن أطرح أبرز المخاطر والتحديات في عصرٍ اتّسَم بتحولات استراتيجية عالمية, تتطلب ما يوازيها من دراسات مستقبلية ومبادرات عملية استراتيجية للتكيف والتفاعل الإيجابي مع تلك المتغيرات والتحديات, ولعل هذا الطرح يبرز أهم جوانب الحل للأزمات الحالية والمستقبلية من خلال العمل بمفهوم (القطاع الثالث) الذي أصبح مؤشرًا أساسيًا في السلم الحضاري للأمم والدول.
كما اكتفيت بذكر النجاحات الأمريكية فقط في هذا المجال دون غيرها؛ لتميُّزها ونجاحها في تحقيق حقوق الإنسان الأمريكي، واستثمار لـ(الديمقراطية الداخلية) لأمريكا, ونجاحها في فرض قوتها السياسية الخارجية من خلال قوة أذرعتها الثقافية والإغاثية, اعتمادًا على مؤسسات القطاع الثالث ومنظماته, مكتفيًا بإبراز واقع الدعم المالي الكبير لهذا القطاع بحكم أهميته, وتوظيف الحكومات الأمريكية المتعاقبة لكل مدخلات هذا القطاع ومخرجاته, لتحقيق متطلبات الدستور الأمريكي وأهدافه.
وأمَلي أن أكون وُفّقت في عرض أهم التحولات والتحديات الخارجية والعوائق الداخلية بشكل عام, وأهم الحلول في آنٍ واحد, وأن أسهم بهذا الكتاب في ملء الفراغ وسد النقص في هذا النوع من الثقافة في المكتبة العربية، وأن يكون الكتاب خطوة عملية في هذا النوع من الدراسات والبحوث، تتبعها مبادرات علمية من مراكز بحثية متخصصة.
وقد حرصت أن يتضمن الكتاب أقوالًا وتقاريرًا ونتائج دراسات لأشخاص غير مسلمين, كما حرصت على الاستدلال بأقوال شخصيات علمية عاشت الجانبين الغربي والإسلامي, سعيًا إلى إكمال الرؤية العلمية لهذا البحث.
وآمل أن تكون فصول هذا الكتاب قد نجحت في تأكيد أهمية القطاع الثالث, وأهمية استثمار الرؤية المستقبلية والفرص المتاحة, لتدعم العمل بمبدأ الواجب واقتناص الفرص.
كما أتطلّع أن يساهم الكتاب في دعم مفاهيم (القطاع الثالث) وترسيخ تطبيقاته بوصفه جزءًا مهماً في ميدان الإصلاح السياسي والإجتماعي المنشود, من قِبل صُنَّاع القرار السياسي, ومؤسسات القطاع الحكومي, والمؤسسات المالية. وقد أفردت في خاتمة الكتاب أهم النتائج والتوصيات كرسائل.
وفي الختام: أقدم شكري وتقديري لكل من أسهم بالرأي والتصحيح, والمشورة والتوجيه لإنجاز هذا المشروع.
وأخص بالشكر أستاذي وشيخي الفاضل معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الرحمن الحصيّن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الموجه والمرشد لمسيرتي العلمية، كما أخص بالشكر والتقدير معالي الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد رئيس مجلس الشورى سابقاً, رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الذي كان النقاش والحوار معه حول هذا الموضوع في أواخر عام 1426هـ خير مساهم لحراك الفكرة ثم لإنجاز هذا الكتاب, سائلًا المولى سبحانه حسن القصد، راجيًا منه وحده قبول هذا العمل في السماء؛ ليكون له القبول في الأرض، فإن كان صائبًا فهو توفيق من الله أكرمني به, وإن كان غير ذلك فهو تقصير أرجو أن يسدده ويصوبه من هو أجدر مني في هذا لمجال.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله النبي الأمين, وعلى آله وصحابته أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
المؤلف
في 1/7/1430هـ
[email protected]
([2]) انظر: (ديفيد كين) David Keen , «حربٌ بلا نهاية, وظائف خفية للحرب على الإرهاب» , تعريب: معين الإمام , المقدمة والفصل الأول.
(3) «والمقصود بالليبرالية المحدثة -كما عرفها أفهيلد- تلك المجموعات من النظريات الاقتصادية التي ترى أن اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي خير السبل لتحقيق المجتمع الحر وزيادة رفاهية شعوب العالم المنفتحة اقتصاديًا على السوق العالمية» للمزيد انظر: هورست افهيلد «اقتصاد يغدق فقراً» ص8.
([7]) انظر: شركة الراجحي للخدمات المالية، إدارة البحوث والاستشارات «الإندماج والإستحواذ» في 12/2008م.
([8]) انظر: نورينا هيرتز Noreena Hertz، «السيطرة الصامتة»The Silent Takeover ، «ترجمة صدقي خطاب»، ص 15.
([12]) من تقريظ لكتاب «القوة من النوع الثالث – محاولة الغرب استعمار القرية العالمية»، هشام محيي الدين ناظر الصفحات الأولى من الكتاب، حيث نادى المؤلف بهذه الصحوة.
([13]) انظر هشام محيي الدين ناظر, «القوة من النوع الثالث – محاولة الغرب استعمار القرية العالمية»، ص26.
([15]) انظر: نورينا هيرتز Noreena Hertz، «السيطرة الصامتة»The Silent Takeover ، «ترجمة صدقي خطاب»، ص 86.
([17]) انظر: تفاصيل أكثر عن دعاوى الإرهاب محمد السلومي كتاب «القطاع الخيري ودعاوى الإرهاب» وكتاب «ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب».
([19]) انظر: صحيفة الرياض 12 / 2 / 2008، وانظر: تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية العربية 2009م، والوطن السعودية في29/7/1430ه.
([20]) انظر: صحيفة الأوسط 17 / 11 / 2008، وانظر: تقرير الأمم المتحدة السابق، وصحيفة الوطن السعودية في29/7/1430ه.
([24]) الدولة والحكومة والوطن مصطلحات غير محررة إلى حد كبير لدى المواطن العربي، بل إنها متشابكة ومتداخلة في الإعلام العربي، فالدولة هي الحكومة والعكس كذلك، والحكومة هي الوطن، والوطن هو الحكومة في اختزالٍ للدولة يُضعف سيادتها وقوتها الداخلية والخارجية ويُهمش دور المواطن فيها، كما يصعب مع هذا التداخل والاختزال توجيه وتقوية الانتماء والولاء للأوطان أو الدول، وبعيداً عن تعقيدات التعريفات فإن الدولة: هي التي تتكون إدارياً من القطاعات الثلاثة : القطاع الحكومي (الأول)، والقطاع التجاري (الثاني)، والقطاع الخير وغير ربحي (الثالث)، وهي كذلك الكيان المكون من السلطات الثلاثة المستقلة عن بعضها البعض: (السلطة التشريعية) وتمثلها جميع الجهات والمؤسسات التشريعية مثل البرلمانات وما شابهها، و(السلطة التنفيذية) وتمثلها المؤسسات الحكومية (القطاع الحكومي) و (السلطة القضائية) وتمثلها المحاكم القضائية بجميع أنواعها. فالدولة بهذه القطاعات الثلاثة والسلطات الثلاث تكتسب القوة السيادية الموسوعة الأكاديمية الأمريكية عرّفت الدولة بأنها: الوحدة السياسية التي تمثل إقليماً أو أرضاً، ويقطنها عدد من السكان، ولها حكومة ولها سيادة، واستقلال (Academic Amercan Encyclopidia, Book18, pages 228-230) فالمؤسسات الحكومية جزء من الدولة –أي دولة- والحكومة متغيرة متبدلة عبر العصور والأزمان بينما الدول ثابتة.
والوطن: يطلق على مجموع الأرض والهواء والماء والتاريخ والجغرافيا والقيم والثوابت والمبادئ التي اجتمع عليها وفيها المواطنون والتي قامت عليها الدولة – أي دولة – فالوطن بهذا هو الذي يجب أن ينتمي الجميع إليه، ويعتز به ويدافع عنه الجميع، وعلى أساسه يكون الولاء والعداء، ولذلك فإن الانتماء والولاء من أي مواطن حاكماً أو محكوماً متلازمان للوطن.
ولكن الانتماء والولاء للحكومات الوطنية يقوم على مدى إلتزام وولاء الحكومات نفسها للدستور –دستور الدولة- الذي تعاقدا (العقد الاجتماعي أو السياسي)، أو تبايعا عليه (العقد الشرعي) الحاكم والمحكوم من المواطنين، ولعل وجود القطاع الثالث بمؤسساته المستقلة والمتنوعة عامل مساعد للوعي والعمل بمفاهيم تلك المصطلحات وتقوية الانتماء الوطني والسيادة الوطنية.
([26]) انظر كريستوفر جن, مقدمة «كتاب تنمية القطاع الثالث» Christopher Gunn, Third-Sector Development
([27]) القطاع الأول والثاني: مصطلحات إدارية حديثة للدولة تعمل بها معظم دول العالم المتقدم مادياً, على أن الأول هو القطاع العام (مؤسسات القطاع الحكومي) , والثاني القطاع الخاص (القطاع التجاري والربحي) والثالث هو القطاع غير الحكومي وغير الربحي. ومن المهم التنبيه: إلى أن بعض الكتب الأجنبية المعنية بأبحاث هذا القطاع تطرح القطاع الرابع والخامس, لكن بحكم أن القطاع الثالث هو الأصل فإن التحالف مع القطاع الحكومي أو القطاع التجاري يصفه بعض الباحثين بالقطاع الرابع أو الخامس , والحقيقة أن هذا التحالف لا يسمى قطاع بقدر ما يسمى الجيل الرابع أو الخامس وهكذا , لأن قطاعات الدولة الإدارية – أي دولة – تتكون من ثلاث قطاعات فقط . علمًا بأن هناك نزعة جديدة لفلسفة هذا الترتيب للقطاعات الثلاثة لا تقوم على أهمية الإدارة , كما لا تقوم على أهمية ما تقدمه تلك القطاعات من الخدمات الأساسية للإنسان، فبعض الكتابات الجديدة عن هذا القطاع بمقاييس الرأسمالية الغربية ومواصفاتها الرقمية عملت بالتصنيف القائم على أساس أن التوظيف والاقتصاد الرأسمالي يعتبران المحرك الرئيسي للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية , وأنهما المحرك الرئيسي للدول , ولم تكن قيمة الخدمات الإنسانية والقيم غير الربحية هي الأساس في التصنيف , ولذا؛ فقد صنفت تلك الكتابات القطاع التجاري: بأنه القطاع الأول ليكون القطاع الحكومي هو القطاع الثاني , كما ورد في كتاب (تنمية القطاع الثالث) لمؤلفه: كريستوفر قن .
([28] ) انظر: كريستوفر قن Christopher Gunn في كتابه «تنمية القطاع الثالث» المقدمة Third- Sector Development.
([31]) المؤسسة المانحة: مصطلح إداري حديث معبر عن نوع من أنواع المؤسسات ووظائفها, (Endowment Foundation أو(Givers Foundation وهي التي لديها المال أو عين الوقف ولا تطلب التبرعات، وغالبًا لا تقوم بتنفيذ المشاريع الخيرية بنفسها, وقد تكون لديها بعض الرؤى والدراسات: مثل: مؤسسات الملك فيصل, والأمير سلطان الخيرية, وروكفلر, ودويك , ونوبل العالمية وغيرها، وهي تقوم بمنح وتمويل البرامج والمشاريع والمؤسسات العامة الممنوحة بمعنى: أن لديها ميزانيات سنوية محددة لتمويل البرامج والمشاريع ولها مصادر دخل لتمويل الميزانيات.
([32]) المؤسسة الخيرية العاملة (الممنوحة) (Operating Foundation) هي التي لديها مشاريع وبرامج عملية تنفيذية, وتبحث عن التبرعات والتمويل للتنفيذ, ليس لديها ميزانية ثابتة وإنما موازنة تقديرية, مثل: جمعيات البر, وتحفيظ القرآن الكريم, وتيسير الزواج, والأطفال المعوقين, وغير ذلك من الجمعيات الخيرية والأهلية التي تستفيد من المؤسسات الوقفية والمانحة في تمويلها ودعمها.
لا توجد تعليقات