Skip to main content

أدوار الفِرَق المنحرفة في التشويه التاريخي  -معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنموذجاً-  

استمع للمقالة 🔊

   (تصفح نسخة PDF العادية) 

 (تصفح نسخة PDF التلفونية) 

  • مدخل:

تَعرَّض التاريخ الإسلامي من قِبل كثير من الفِرَق المنحرفة إلى تشويه متعمد كتابةً وتأليفًا وتزويرًا، خاصةً من أرباب العقائد الباطنية من الرافضة وفرق الباطنية كالقرامطة والإسماعيلية والعبيدية (الفاطمية) أو من تأثر بهم، إضافةً إلى الخوارج والمعتزلة والشعوبيين، لكن التاريخ الصحيح قد دوَّنه أهل العلم والمختصون، فبقي محفوظًا بوروده الكثيرة وأشواكه المتنوعة، وعن دوله ومجتمعاته، ورجاله وعلمائه رغم حاجته للتحقيق وتمحيص الروايات والأخبار، كما كتب المختصُّون عن ضلال هذه الفِرَق والعقائد المنحرفة وأثرها في التاريخ الإسلامي كما سيأتي بيانه([1]).   

ولا غرابة في هذا التشويه المتعمد بحق التاريخ قياساً بتشويه الإسلام ذاته بعقائد منحرفة، إضافةً إلى تكفير هذه الفِرَق الضالة لمعظم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعموم أمة الإسلام فيمن جاء بعدهم! وقد نال التاريخ المتأخر من المتقدم وكُتُبِهِ وكتاباته نصيبه من التشويه الممنهج بكتب كثيرة وكتابات متنوعة، عزَّزها واقع كتابة تاريخ بني أمية (الدولة الأموية) الذي لم يُكتب إلا زمن منافسيهم بني العباس (الدولة العباسية)، وفي بعض تلك الكتابات مداراة أو مُجاراة لبعض خلفاء العباسيين، وهو ما أسهم كذلك في بعض التشويه التاريخي.

  • دسائس تاريخية:

إن من أخطر ما قامت به الفرق المنحرفة هو محاولة تشويه تاريخ المسلمين، بإثارة الشبهات والطعون على الأحداث والوقائع والشخصيات، واختلاق الأخبار الكاذبة، ودس الروايات المشبوهة في ثنايا التاريخ، ثم العمل على نشرها وإشاعتها في الأوساط الإسلامية.

ثم تلقَّفتها بعض الكتب ودوَّنتها باختلاف مستوياتها، وتفاوُت مؤلفيها ما بين شيعي رافضي ومعتدل، وبين ناقلٍ لروايات غير صحيحة استهدفت بعض الصحابة رضي الله عنهم، وطعن بعضها في تاريخ الإسلام، وخاصة تاريخ الدولة الأموية (41-131هـ) وذلك بعلم أو بغير علم([2])، ومن أبرز هذه الكتب:

  • كتاب (فتوح الشام) لمحمد بن عمر الواقدي [ت 207هـ]، ورواياته واهية.
  • وكتاب (الإمامة والسياسة) المنسوب لابن قتيبة الدينوري والمُنتحَل عليه كذبًا [ت 276هـ].
  • وكتاب (تاريخ اليعقوبي) لأحمد بن إسحاق اليعقوبي [ت 284هـ].
  • وكتاب (الفتوح) لابن الأعثم الكوفي [ت 314هـ].
  • وكتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية) لمحمد بن علي بن طباطبا [ت 322هـ].
  • وكتاب (مروج الذهب ومعادن الجوهر) لعلي بن الحسين المسعودي [ت 346ه]، وهو معتزلي كذاب.
  • وكتاب (الأغاني) لأبي الفرج الأصفهاني [ت 356هـ]، وهو شيعي كذاب.
  • كتاب (نهج البلاغة) للشريف الرضي [ت 406هـ]، وهو شيعي.

وغير هذه من بعض الكتب المتأخرة، وعلى رأسها كثير من كتابات المستشرقين ورواياتهم التاريخية التي أكملت روايات وآثار الرافضة والباطنية بالكتابة في التاريخ الإسلامي.  

 بل إنَّ العديد من كتب أهل العلم قد نقلت مثل هذه الروايات المكذوبة أو المحرفة بناءً على المنهج القديم في التأليف بذكر الروايات وأسانيدها، عملاً بالقاعدة المعروفة عندهم: من أسند فقد برئت ذمته.

قال ابن خلدون: «إنَّ فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطروها في صفحات الدفاتر وأودعوها، وخلطها المتطفِّلون بدسائس من الباطل وَهِمُوا فيها وابتدعوها، وزخارف من الروايات الـمُضعفة لفَّقـوها ووضعوها، واقتفى تلك الآثار كثير ممَّن بعدهم واتَّبعوها، وأدَّوها إلينا كما سمعوها، ولم يُلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال ولم يُراعوها، ولا رفضوا ترَّهات الأحاديث ولا دفعوها، فالتَّحقيق قليل، وطَرْف التنقيح في الغالب كليل، والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل، والتَّقليد عريق في الآدميِّين وسليل، والتَّطفُّل على الفنون عريض طويل، ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل، والحقُّ لا يقاوَم سلطانه، والباطل يُقذَف بشهاب النَّظر شيطانه، والناقل إنما هو يُملي ويَنْقُل، والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقَّل، والعلم يجلو لها صفحات القلوب ويَصقُل.

هذا وقد دوَّن الناس في الأخبار وأكثروا، وجمعوا تواريخ الأمم والدول في العالم وسطَّروا، والذين ذهبوا بفضل الشُّهرة والإمامة المعتبرة، واستفرغوا دواوين من قبلهم في صحفهم المتأخِّرة، هم قليلون لا يكادون يجاوزون عدد الأنامل»([3]).

أمثلة على تشويه ودسائس هذه الفرق:

من أمثلة هذا التشويه:

1- الروايات الباطلة في ذم الصحابة والطعن فيهم، وتشويه سيرهم.

2- الروايات الباطلة في النص على إمامة وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأن الصحابة قد اغتصبوها منه.

3- الروايات الكثيرة الباطلة فيما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم من خلاف([4]).

4- ما أثير من شبهات حول خلافة معاوية بن أبي سفيان الأموي رضي الله عنه والدولة الأموية على وجه الخصوص، سواء في خلفائها، أو سيرتها، أو فتوحاتها، وهي شبهات تضعف الثقة بتاريخ أمة الإسلام لا سيما أن الدولة الأموية أعظم دولة بعد دولة الخلفاء الراشدين في نشر الإسلام وخدمته.

وقد وصلت محاولات تشويه تاريخ الإسلام إلى تأثر بعض المؤرخين المعاصرين من أهل السنة بهذه المرويات، إضافةً إلى كتابات المستشرقين التي اعتمدت على بعض ما ورد في المصادر سابقة الذكر، وذلك بالعمل على ترسيخ أن تاريخ الخلفاء الراشدين هو التاريخ الإسلامي الوحيد الذي يمكن أن تعتز به الأمة المسلمة! بل اختزل بعضهم التاريخ الناصع بزمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقط وما سوى هذا فهو تاريخ استبدادي دموي أسود، باستثناء خلافة عمر بن عبدالعزيز رحمه الله! وهذا التشويه الجنائي المتعمَّد في تضخيم الأخطاء، واختزال حضارية عطاء التاريخ الإسلامي والأموي -خصوصًا- وفتوحاته وعدالته وقِيَمه الجاذبة لغير المسلمين يُعدُّ جناية كبرى بحق أمة الإسلام وتاريخها، ولا شك أن تاريخ الدول الإسلامية ليس كتاريخ الخلفاء الراشدين، لكن هذا لا يعني الانتقاص منه وتشويهه ورميه بكل عيب!

وقد لفتت حركة التشويه انتباه بعض الباحثين من الغربيين من غير المسلمين حينما تفاجأ بكثير من حقائق التاريخ مما تم تشويهه أو طمسه أو تزويره بصورةٍ تستوجب التصحيح وهو ما جعله يكتب بحثًا خاصًا عن معاوية رضي الله عنه، موضحًا لكثير من حقائق التاريخ حوله! وذلك بصورة ربما توصف بالمدافعة أو المرافعة العلمية.

ولعل أكثر الشبهات والتشويهات في التاريخ هي من فعل الشيعة([5])، ومنها على سبيل المثال:

1- زعم تهديد عمر بن الخطاب لفاطمة بحرق بيتها بسبب امتناع علي عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه أجمعين، وهدم بيتها، وضربها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها. وهذه القصة باطلة لا تثبت.

2- في قضية التحكيم بين علي ومعاوية: القصة المزعومة الشائعة أن عمرو بن العاص خدع أبا موسى الأشعري في خلع علي، وأنه رفض خلع معاوية رضي الله عن الجميع. وهذه الحادثة باطلة كذلك، لم تأت إلا من روايات باطلة مكذوبة.

  • مواجهة التشويه بمنهجية النقد التاريخي:

تميزت أمة الإسلام عن غيرها من الأمم بتوثيق تاريخها وتراثها بقواعد وضوابط تجاه معرفة صحيح الخبر من ضعيفه في متون الأخبار أو الروايات التاريخية حتى أشاد بهذه المنهجية العلمية المتميزة كثير من مفكري الغرب وأساتذته، ومن ذلك قول مارجوليوث: «ولكن بالرغم من أن (نظرية الإسناد) سببت متاعب لا نهاية لها أحياناً، بسبب الأبحاث التي ينبغي القيام بها لتوثيق كل راوٍ، ولفهم وضع الأحاديث، وتقليدها أحياناً في سهولة، لا يمكن الشك في قيمتها في ضمان الصحة، والمسلمون على حق في فخرهم بعلم الحديث»([6]).     

ومع هذا فليست الكتابة هنا عن علم الحديث الذي حسمته منهجية المُحدِّثين في نقد السند والمتن في العصور الأولى للإسلام؛ حيث كان تدوين السنة النبوية بمعايير للرواة والأسانيد لا يتطرق إليها الشك. لكن الكتابة هنا عن تطبيق منهجية التصحيح للروايات التاريخية ولكتب التاريخ بمنهجية علمية تعتمد على التوثيق للرواة؛ حيث كان السَند والرواة وإمكانية تطبيق علم الجرح والتعديل في الرواة والروايات خاصةً القرون الثلاثة الأولى تقريباً. وقد أجاد علماء الإسلام بمؤلفات تطرح منهجية علمية إضافية بطُرق نقدٍ أخرى مُتعددة لتمحيص الأخبار التاريخية، لا سيما أن التاريخ الإسلامي الذي تعرض للتشويه المتعمد بحاجة ماسة إلى هذا النقد والتمحيص. 

ومن غرائب مُثيري الشبهات على الروايات الحديثية والتاريخية المسندة بالرواة والأسانيد الموثقة خاصة من أصحاب حملات التشكيك والتشويه والأهواء، أنهم في الوقت الذي يؤسسون علوماً ونظريات في الفلسفة وعلوم الاجتماع والأخلاق والطبيعة وعلم النفس على نقولات يونانيةِ قبل الميلاد وبعده عن أرسطو وأفلاطون دون سند تاريخي تراهم في الوقت ذاته يشككون بصحة المسند من الروايات الإسلامية! بل إن علوم أرسطو وأفلاطون تُعدُّ نصوصاً مقدسة لديهم!

ومن الكتب العلمية التي وَرَدَ فيها عن هذا الفن من النقد العلمي لمُتون الروايات التاريخية ما ذكره عالم الاجتماع والتاريخ ابن خلدون -رحمه الله- عن (علم العمران) وأنه من الوسائل المثلى لمعرفةِ حقيقة الأخبار والروايات وصحتها من ضعفها، ولأهمية مفردات هذه الوسائل تم إيراد النص مع طوله وذلك بقوله: «يحتاج صاحب هذا الفن [المؤرخ] إلى العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات، واختلاف الأمم والبقاع والأعصار في السِّير والأخلاق والعوائد والنِحل والمذاهب وسائر الأحوال، والإحاطة بالحاضر من ذلك، ومماثلة ما بينه وبين الغائب من الوفاق، أو بون ما بينهما من الخلاف، وتعليل المتفق منها والمختلف، والقيام على أصول الدول والملل ومبادئ ظهورها وأسباب حدوثها ودواعي كونها وأحوال القائمين بها وأخبارهم، حتى يكون مستوعبا لأسباب كل خبر، وحينئذ يعرض خبر المنقول على ما عنده من القواعد والأصول، فإن وافقها وجرى على مقتضاها كان صحيحا، وإلا زيفه واستغنى عنه»([7])، وحُق لابن خلدون بهذا القول وغيره أن يكون من مؤسسي علم الاجتماع في الإسلام، ومن رواد كتابة التاريخ بالجمع بين الخَبرِ ونقده مع الدرس والعبرة من التاريخ.  

بل إن ابن خلدون كَتَبَ بصورةٍ أوضح عن المهتمين إضافةً إلى أبرز الأخطاء التي لحقت بالتاريخ وكتابته، وذلك بصورة المُنكِر والمتحسر على هذه التجاوزات، وذلك بقوله: «وما استكبر القدماء علم التاريخ إلا لذلك [التزييف]، حتى انتحله [اهتم فيه] الطبري والبخاري وابن إسحاق من قَبْلِهما، وأمثالهم من علماء الأمة، وقد ذُهل الكثير عن هذا السر فيه، حتى صار انتحاله [الكتابة فيه] مَجْهلة، واستخف العوام، ومن لا رسوخ له في المعارف مطالعته وحمله، والخوض فيه والتطفل عليه، فاختلط المرعي بالهَمَل، واللباب بالقشر، والصادق بالكاذب، وإلى الله عاقبة الأمور»([8]).

كتب مهمة في المجال:

وحول تحقيق هذه المنهجية العلمية جاءت كتبٌ كثيرة توضِّحُ وتبيِّنُ وتصحِّح وتضعِّف، وبمنهجية هذا النقد التاريخي وتمحيص الروايات برزت كثير من الكتابات المبكرة تاريخياً، وأسهمت في تصحيح المرويات التاريخية عن الدولة الأموية وغيرها، ومن أمثلة الكتب التي أبرزت مكانة الصحابة وتصدت لتوضيح الفتن وكشفها كتاب (العواصم من القواصم) لأبي بكر بن العربي-رحمه الله-، وكتاب (منهاج السنة النبوية) لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-.

وعن هذه المنهجية كذلك في نقد مُتون الأخبار والروايات التاريخية يمكن الاستفادة من البحث المطبوع بعنوان (أشهر وجوه نقد الَمتن عند شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-) للدكتور بدر بن محمد العماش الأستاذ بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية([9]).  

 ومن نماذج الكتابات المعاصرة كذلك حول التحقق من الروايات التاريخية -كأنموذج ومثال- كتاب (المرويات التاريخية عند المسلمين – أساليب النقد وظاهرة الوضع فيها) للدكتور خالد كبير علال، وهو من إصدارات مركز البحوث والدراسات بمبرة الآل والأصحاب بالكويت.

وكَتَبَ كثير من الباحثين في التاريخ وعلومه من المتخصصين المتأخرين عن أهمية المنهجية وطُرقها، ومن هؤلاء على سبيل المثال ما كتبه الدكتور محمد صامل السلمي في كتابه الجامع بعنوان (منهج كتابة التاريخ الإسلامي). وممن كتب بهذه المنهجية العلمية في التمحيص والتفسير للتاريخ والدروس الدكتور محمد العبدة، ومن أبرز كتبه في هذا الجانب (دروس التاريخ) وكتاب (هل يعيد التاريخ نفسه؟)، وكتاباه عن ابن خلدون بعنوان (نصوص مختارة من مقدمة ابن خلدون) و(مقدمة ابن خلدون)([10])

وحول الكتب التي أبرزت الروايات الصحيحة للتاريخ خاصةً من الكُتب المُعاصرة عن الدولة الأموية تحديداً جاء كتاب (التاريخ الإسلامي الخلفاء الراشدون – دولة بني أمية) لمحمود شاكر، وكتاب (الدولة الأموية) ليوسف العش، وكتاب (أطلس تاريخ الدولة الأموية) لسامي المغلوث، وكتاب (تهذيب كتاب البداية والنهاية لابن كثير العصر الأموي) لمحمد السلمي، وكتاب (تاريخ الدولة الأموية) لمحمد طقوش، وكتاب (الدولة الأموية المفترى عليها: دراسة الشبهات ورد المفتريات) لحمدي شاهين، وكتاب (الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار) للدكتور محمد الصلابي، وكتاب (العهد الأموي) لمحمود شاكر، وكتاب (موسوعة التاريخ الإسلامي العصر الأموي) لصلاح طهبوب، و كتاب (الدولة الأموية ومقوماتها الإيديولوجية والاجتماعية) للدكتورة بثينة بن حسين، وكتاب (الجذور التاريخية للأسرة الأموية) لإحسان صدقي العمد،  وكتاب (الدولة الأموية) لمحمد خضري بك، وكتاب (تاريخ الدولة الاموية – دراسة تحليلية) للدكتور الريَّح حمد النيل، وسلسلة محاضرات صوتية عن التاريخ السياسي للدولة الأموية للدكتور أحمد الدعيج، وغير هذه كثير.    

  • وفي الختام:

 لا بد من التذكير بأن من سنن الله القدرية الابتلاء بين المؤمنين والمنافقين من فِرق الضلال وأهل الأهواء والمِلل والنِحل على مر العصور سواءً بوجودهم بعقائدهم الفاسدة أم بأعمال تشويههم للتاريخ، وهذه سُنة كونية قدرية قال الله تعالى عنها ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ﴾ [هود:119]، وقوله تعالى ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [يونس:19]، كما قال الله سبحانه وتعالى عن هذه الفرق والملل والنحل ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [الأنعام:159]. والحمدلله على نور القرآن والحق، والله غالبٌ على أمره.         

 

د. محمد بن عبدالله السلومي
باحث في الدراسات التاريخية ودراسات العمل الخيري والقطاع الثالث
[email protected]

 

 المصدر: مجلة رواء

_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

([1]) يُلحظ أن حركة التشويه للتاريخ من النتائج الواضحة لرسائل علمية قدَّمها الباحث سليمان السلومي متخصصة بالباطنية الرافضة، ومن هذا ما ذكره في رسالته (القرامطة) على سبيل المثال حول ادعاء الرافضة للنسب العلوي، وما ترتب على هذه الدعاوى والمزاعم من جناية على التاريخ وعلى أمة الإسلام بالسب المباشر أو الدس والتشويه باختلاف وتفاوت بين المؤرخين؛ حيث دوَّن بعض المؤلفين لكتب التاريخ أخطاء وإساءات بحق الصحابة وغيرهم، لا سيما ممن عاش من المؤرخين في عصور سيادة هذه الفرق وقوتها، أو ممن تأثر بهم أو تأثر بتلك العقائد المنحرفة المشوِّهة للتاريخ فيما بعد، وقد كان من النتائج ما أورده الباحث سليمان في رسالته الأخرى وهي عن (الإسماعيلية) وذلك في الباب الأول من الفصل الثاني حول الوقيعة في الصحابة رضي الله عنهم، وحول دعوى تحريف القرآن، وعن أدوار عبدالله بن سبأ في نشأة التشيْع، وبالتالي تشويه حركة التاريخ وكتابته، ومع هذا فإن المؤلف في كلتا الرسالتين لم يكتب عن أدوارهم وأثرهم على حركة التاريخ وكتابته بصورة مباشرة أو مفردة!

 ([2])انظر عن أنموذج من كشف هذا التشويه في التاريخ: محمد العبدة، دروس في التاريخ، ص53-58، ص156-170.

([3]) انظر: مقدمة ابن خلدون (1/6-7).

([4]) ينظر: العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، للقاضي أبي بكر بن العربي، ومنهاج السنة النبوية، لابن تيمية. وقد تصدى د. محمد أمحزون في دراسته القيمة (تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة من روايات الإمام الطبري والمحدثين) إلى الكثير من هذه الروايات وبين حقيقتها، فليراجع.

([5]) ينظر كتاب: أثر التشيّع على الروايات التاريخية في القرن الأول الهجري، د. عبد العزيز محمد نور ولي، والمراجع في الحاشية السابقة للرد على هذه الروايات.

([6]) انظر: مارجوليوث، دراسات عن المؤرخين العرب، ترجمة حسين نصار، بيروت: دار الثقافة، ص31-32.

([7]) انظر: عبدالرحمن بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، بيروت: دار الفكر، 1421هـ (2001)، ص37

([8]) انظر: المرجع السابق، ص37.

([9]) المنشور بمجلة جامعة أم القرى للعلوم الشريعة واللغة العربية وآدباها، ج17، العدد (33)، ربيع الأول 1426هـ.

([10]) اختصرها الدكتور محمد العبدة وقدم لها وعلق عليها.

لا توجد تعليقات

بريدك الالكتروني لن يتم نشره


الاشتراك في

القائمة البريدية

اكتب بريدك الالكتروني واضغط اشتراك ليصلك كل جديد المركز

تصميم وتطوير SM4IT